أثارت جائحة كوفيد-19 العديد من الأسئلة حول تأثير أنماط الحياة المختلفة على تطور الفيروس والمضاعفات المرتبطة به. ومن بين هذه العوامل، كان للتدخين التقليدي والسجائر الإلكترونية نصيب كبير من النقاشات العلمية والطبية.
لطالما اعتُبر التدخين التقليدي عامل خطر رئيسي لأمراض الجهاز التنفسي والمضاعفات المرتبطة بالفيروسات التنفسية. لكن ماذا عن السجائر الإلكترونية؟ هل يمكن أن تكون بديلاً أقل ضرراً؟ وهل يزيد استخدامها من خطر الإصابة بمتلازمة ما بعد كوفد-19 الحادة؟
كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Scientific Reports التابعة لـ Nature أن استخدام السجائر الإلكترونية لا يرتبط بزيادة خطر الإصابة بمتلازمة ما بعد كوفد-19 الحادة. وهذا الاكتشاف يثير تساؤلات جديدة حول مدى تأثير منتجات النيكوتين البديلة مقارنةً بالتدخين التقليدي. في هذا المقال، سنستعرض منهجية البحث، النتائج الرئيسية لهذه الدراسة، وفعالية السجائر الإلكترونية كوسيلة للإقلاع عن التدخين.
أهمية تسليط الضوء على هذا الموضوع
قبل ان نبدأ بشرح تفاصيل هذه الدراسة نود ان نبين ما هي متلازمة ما بعد كوفد-19 الحادة :
متلازمة ما بعد كوفد-19 الحادة
متلازمة ما بعد كوفد 19 هي عبارة عن عدة أعراض مستجدة أو متكررة تظهر لدى الأشخاص بعد مرور أكثر من أربعة أسابيع على الإصابة بكوفد 19. وتستمر هذه المتلازمة لدى بعض الأشخاص لعدة أشهر أو سنوات أو تُسبب الإعاقة في بعض الحالات.
تشير الأبحاث إلى أن شخصًا واحدًا من كل 5 أشخاص في الفئة العمرية بين 18 و 64 عامًا يُصاب بعد مرور فترة تتراوح بين شهر وعام على الإصابة بكوفيد 19 بهذه المتلازمة. بينما يُصاب شخص واحد من كل 4 أشخاص بالغين في عمر الـ 65 عامًا فأكثر بهذه المتلازمة بعد الإصابة بكوفيد 19. Mayo Clinic
أجريت هذه الدراسة للتحقق مما إذا كان هناك ارتباط بين استخدام السجائر الإلكترونية وتطور متلازمة ما بعد كوفيد-19 الحادة، وهي الحالة التي يعاني فيها الأفراد من أعراض مستمرة لفترة طويلة بعد تعافيهم من العدوى الأولية بالفيروس.
أسباب إجراء الدراسة
المخاوف المتزايدة حول صحة المدخنين ومستخدمي السجائر الإلكترونية: مع انتشار السجائر الإلكترونية، برزت تساؤلات حول مدى تأثيرها على الصحة العامة وخاصة خلال جائحة كوفد-19.
الدراسات السابقة حول التدخين و فيروس كوفد-19: أثبتت أن المدخنين هم أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات كوفيد-19، ولكن لم يكن هناك دليل قاطع حول تأثير السجائر الإلكترونية على نفس المسألة. يمكن لمثل هذه الدراسات أن تؤثر على السياسات الصحية المتعلقة بالسجائر الإلكترونية وتدخين التبغ التقليدي.
طرق البحث
طريقة البحث بنيت على ثلاث مراحل رئيسية :
- تصميم الدراسة: اعتمدت الدراسة على تحليل بيانات مجموعة من الأشخاص الذين تعافوا من فيروس كوفد-19، حيث تم تقسيمهم إلى مجموعات بناءً على استخدامهم للسجائر الإلكترونية أو عدمه.
- جمع البيانات: تم استخدام استبيانات ومصادر طبية لتحديد تاريخ التدخين، استخدام السجائر الإلكترونية، والأعراض المتبقية بعد الشفاء من كوفد-19.
- التحليل الإحصائي: استخدم الباحثون نماذج تحليلية متقدمة للتحقق مما إذا كان هناك ارتباط ذو دلالة إحصائية بين استخدام السجائر الإلكترونية ومتلازمة ما بعد كوفد-19..
مخاوف لا أساس لها !
بعد تحليل البيانات الخاصة بالمشاركين، توصل الباحثون إلى نتائج مهمة تدحض الاعتقاد وتنهي المخاوف حول أن السجائر الإلكترونية قد تكون عامل خطر إضافي للإصابة بمتلازمة ما بعد كوفد-19 الحادة.
أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة:
عدم وجود علاقة بين السجائر الإلكترونية ومتلازمة ما بعد كوفد-19: لم تجد الدراسة أي دليل يربط بين استخدام السجائر الإلكترونية وتفاقم الأعراض طويلة المدى بعد الشفاء من كوفد-19.
مقارنة مع التدخين التقليدي: في حين أكدت الدراسات السابقة أن التدخين يزيد من خطر المضاعفات الناجمة عن كوفد-19، لم تُظهر الدراسة الحالية تأثيرًا مشابهًا لمستخدمي السجائر الإلكترونية.
ضرورة المزيد من الأبحاث: رغم هذه النتائج، أوصى الباحثون بإجراء مزيد من الدراسات للتحقق من التأثيرات طويلة المدى لاستخدام السجائر الإلكترونية.
فعالية السجائر الإلكترونية في الإقلاع عن التدخين
أثبتت العديد من الدراسات السابقة أن السجائر الإلكترونية هي أداة فعالة لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين التقليدي، وهو أحد الأسباب الرئيسية لأمراض الجهاز التنفسي المزمنة.
كيف تساعد السجائر الإلكترونية في الإقلاع عن التدخين؟
- محاكاة تجربة التدخين: توفر السجائر الإلكترونية تجربة مماثلة للتدخين التقليدي، مما يسهل على المدخنين التكيف مع الانتقال إليها.
- توفير مستويات مختلفة من النيكوتين: يمكن لمستخدمي السجائر الإلكترونية التحكم في كمية النيكوتين التي يستهلكونه، مما يسمح لهم بتقليل الجرعة تدريجيًا.
- تقليل التعرض للمواد الضارة: لا تحتوي السجائر الإلكترونية على القطران وأول أكسيد الكربون، وهما من أكثر المكونات الضارة في السجائر التقليدية.
التدخين التقليدي والاحتراق كمسبب رئيسي لأمراض الجهاز التنفسي
أمراض مثل التهاب الشعب الهوائية المزمن ومرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD): تنجم هذه الأمراض عن استنشاق الدخان الناتج عن احتراق التبغ.
ارتفاع خطر الإصابة بسرطان الرئة: يحتوي دخان السجائر التقليدية على آلاف المواد الكيميائية، بعضها مسرطن.
ضعف جهاز المناعة: يؤثر التدخين التقليدي سلبًا على وظائف الجهاز المناعي، مما يجعل المدخنين أكثر عرضة للالتهابات الفيروسية، بما في ذلك كوفد-19.
وللمزيد يمكنك الرجوع الى المقال الذي أعددناه لكم لفهم مخاطر التدخين بشكل مفصل.
بالمقارنة، تُعد السجائر الإلكترونية خيارًا أقل ضررًا من التدخين، حيث تتيح استهلاك النيكوتين دون التعرض للمواد السامة الناتجة عن الاحتراق.
خلاصة القول !
تسلط هذه الدراسة الضوء على نقطة هامة في النقاش الدائر حول السجائر الإلكترونية وتأثيراتها الصحية. فبينما أظهرت الأبحاث أن التدخين التقليدي يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بمضاعفات كوفيد-19، فإن هذه الدراسة لم تجد أي ارتباط بين استخدام السجائر الإلكترونية ومتلازمة ما بعد كوفد-19 الحادة.
هذه النتائج تفتح الباب لمزيد من الدراسات حول دور السجائر الإلكترونية كبديل آمن للتدخين التقليدي، خاصة أنها تساعد في تقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالتدخين.
من المسؤول عن الأمراض المرتبطة بالتدخين؟ النيكوتين أم الاحتراق