يُعتبر اجتماع مؤتمر الأطراف الحادي عشر (COP11) القادم نقطة محوريةً لتعزيز السيادة الوطنية في مجال مكافحة التبغ. وتُحثّ الدول الأعضاء في الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ (FCTC) على مقاومة الضغوط الخارجية وتبني سياساتٍ تستند إلى الأدلة العلمية.

مع زيادة الجدل العالمي حول مكافحة التبغ، يُدقّ ائتلاف دعاة الحد من أضرار التبغ في منطقة آسيا والمحيط الهادئ (CAPHRA) ناقوس الخطر بشأن تنامي النفوذ الأجنبي في صنع السياسات الوطنية. وتزعم المجموعة أن جهاتٍ خارجيةً نافذةً – مثل مؤسسة بلومبرغ الخيرية – تُحاول تهميش الجهود للحد من أضرار التبغ، من خلال استراتيجياتٍ وأجندات خارجية.

ومع اقتراب موعد مؤتمر الأطراف الحادي عشر (COP11)، يُحذّر ائتلاف دعاة الحد من أضرار التبغ في منطقة آسيا والمحيط الهادئ من أن الأجندات الأيديولوجية تسعى الى تهميش الادلة العلمية، مما يُعرّض المدخنين البالغين الباحثين عن بدائل أكثر أمانًا، والسيادة الوطنية في مجال صنع السياسات الصحية للخطر. مع اختفاء الثقة، الآمال في إحداث تغيير هادف خلال هذا الحدث تبقى ضئيلة.

يدعو ائتلاف الحد من أضرار التبغ CAPHRA إلى زيادة الشفافية في سياسات مكافحة التبغ العالمية، مستشهدةً بأدلة على أن التمويل الأجنبي التي تسيطر على اللوائح والقوانين المحلية في جميع أنحاء المنطقة. وقد حددت المنظمة أنماطًا تشير إلى أن مؤسسة بلومبرغ الخيرية قد أثرت بشكل سلبي على سياسات مكافحة التبغ في دول مثل الفلبين والهند وباكستان وبنغلاديش وإندونيسيا وفيتنام.

أجندات خارجية وعواقب داخلية

هذه ليست المرة الأولى التي تُثار فيها مثل هذه المخاوف، حيث تُشدد نانسي لوكاس، المنسقة التنفيذية لائتلاف الحد من أضرار التبغ CAPHRA، وتشير إلى أن التمويل الخارجي يُعطي الأولوية الأيديولوجيات على حساب الأدلة العلمية، وتؤثر على الخبراء الإقليميين في عملية صنع السياسات. وتماشيًا مع مناشدات خبراء الحد من أضرار التبغ حول العالم، تُصرّ لوكاس على ضرورة تطوير سياسات الصحة الوطنية بمدخلات من أصحاب المصلحة المحليين وبناءً على الأدلة العلمية، بدلاً من أن تُمليها مصالح الجهات الأجنبية.

في الواقع، تتجاوز مخاوف ائتلاف الحد من أضرار التبغ CAPHRA منطقة آسيا والمحيط الهادئ. في فبراير 2025، طلبت المنظمة، بالتعاون مع منظمة ARDT Iberoamerica ومنظمة CASA Africa، توضيحًا رسميًا من القسم الخاص للأمم المتحدة المعني بالحد من أضرار التبغ بشأن التصريحات المتحيزة الواردة في تقرير حول الحد من أضرار التبغ. وللأسف، ورغم أهمية الاستفسار، لم تتلقَ CAPHRA أي رد، وهو ما تراه المجموعة جزءًا من نمط أوسع لتجاهل وجهات النظر المعارضة.

يُنظر إلى اجتماع COP11 القادم، بطبيعة الحال، على أنه نقطة محورية لتعزيز السيادة الوطنية في مكافحة التبغ. تحث CAPHRA الدول الأعضاء في اتفاقية مكافحة التبغ الإطارية على مقاومة الضغوط الخارجية وتبني سياسات تستند إلى أدلة علمية. وأكدت المجموعة أن دولًا مثل الفلبين واليابان و نيوزيلندا نجحت في الموازنة بين حماية الصحة العامة واستراتيجيات الحد من الأضرار من خلال لوائح تقدم منتجات النيكوتين الغير قابلة للاحتراق.

تحث CAPHRA الدول الأعضاء على دراسة مصادر التوجيه السياسي بشكل نقدي وإعطاء الأولوية للنهج القائم على الأدلة التي تُقر بالحد من الأضرار كعنصر أساسي في مكافحة التبغ. وتؤكد المنظمة أن مؤسسات الصحة العامة العالمية يجب أن تدعم مهمتها الأساسية المتمثلة في تعزيز السياسات المتجذرة في الأدلة العلمية بدلاً من الأجندات الإيديولوجية.

الصراع العالمي حول سياسة النيكوتين

سياسة النيكوتينللأسف، لا يُعلق الخبراء في هذا المجال آمالاً كبيرة على المؤتمر الذي سيُعقد بين 17 و22 نوفمبر/تشرين الثاني 2025. يُعرف مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن مكافحة التبغ (FCTC) بعقد مناقشاته خلف أبواب مغلقة، مما يُقصي في كثير من الأحيان الأصوات الناقدة، ولا سيما المستهلكين ودعاة الحد من الضرر. يُعزز هذا النقص في الشفافية حيث تُقمع الآراء المعارضة، ويُشكل توافق الآراء بناءً على الأيديولوجية أكثر من الأدلة العلمية. 

ونتيجةً لذلك، قد تُعطي الأولوية لنهج الحضر، متجاهلةً التجارب الواقعية للمدخنين السابقين الذين نجحوا في الإقلاع عن التدخين باستخدام منتجات النيكوتين الأكثر أمانًا. إن استبعاد هؤلاء أصحاب المصلحة يُقوّض شرعية وفعالية استراتيجيات مكافحة التبغ، مما يُعرّض أهداف الصحة العامة للخطر في نهاية المطاف.

هل ستعود نظرية البوابة إلى المشهد؟

استخدام السجائر الإلكترونية يؤدي للعودة إلى التدخين

للانصاف قد كذبت النتائج الأخيرة في نيوزيلندا الحجة القائلة بأن السجائر الإلكترونية هل بوابة للتدخين. وقد حللت دراسة جديدة نُشرت في مجلة لانسيت الإقليمية للصحة – غرب المحيط الهادئ بيانات 25 عامًا (1999-2023) لما يقارب من 700,000 طالب في المرحلة الثانوية تتراوح أعمارهم بين 14 و15 عامًا، ووجدت أنه على الرغم من الانخفاض الكبير في معدلات تدخين المراهقين بشكل عام، إلا أن الدراسة كشفت أن هذا الانخفاض تباطأ بشكل ملحوظ بعد عام 2010، تزامنًا مع انتشار السجائر الإلكترونية. لو استمرت معدلات التدخين في اتجاهها التنازلي قبل عام 2010، لكان عدد المراهقين من المدخنين أقل بحلول عام 2023.

ومع ذلك، انتقد بعض دعاة الحد من أضرار التبغ الدراسة، مشيرين إلى أن البحث لا يأخذ في الاعتبار بشكل كافٍ العوامل الأخرى المؤثرة على اتجاهات التدخين، مثل المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية ومبادرات الصحة العامة. ويؤكد هؤلاء الخبراء أن السجائر الإلكترونية تعد أداة للحد من أضرار التبغ، وأن دورها بين المراهقين يتطلب فهمًا دقيقًا.

الامر الذي ادى الى قيام منظمات مثل مجلس التعاون للصحة العامة (PHCC) إلى اتخاذ إجراءات حكومية عاجلة استجابةً لنتائج الدراسة، مُسلّطةً الضوء على ضرورة وضع لوائح أكثر صرامة لمنع التدخين الإلكتروني بين الشباب. هذا النهج يفرض سياسات صحية خارجية التوجه دون مراعاة السياقات المحلية أو الأدلة العلمية، مما يُعيق فعالية استراتيجيات الصحة العامة.

استعمار الصحة العامة؟

في الواقع، أعربت لوكاس في سبتمبر الماضي عن قلقها إزاء توافق مجلس التعاون للصحة العامة مع منظمة الصحة العالمية، مُشيرةً إلى أنه يتنافى مع النزاهة العلمية. وجادلت بأن توافق السياسات مع منظمة الصحة العالمية يجب أن يستند إلى أحدث الأبحاث بدلاً من السعي للحصول على اعتراف دولي. وقد سعى ائتلاف الحد من أضرار التبغ CAPHRA إلى الدعوة إلى إعادة تقييم موقف مجلس التعاون للصحة العامة من منتجات التبغ وبدائل النيكوتين، من خلال الدعوة إلى سياسات متوازنة تستند إلى أدلة علمية.

دعا ائتلاف CAPHRA الحكومات إلى محاسبة منظمة الصحة العالمية واتفاقية مكافحة التبغ (FCTC) لاستبعادها آراء المستهلكين من مناقشات مكافحة التبغ. وانتقد أيضا منظمة الصحة العالمية واتفاقية مكافحة التبغ (FCTC) لتجاهلها استراتيجيات الحد من الضرر، على الرغم من كونها جزءًا من مكافحة التبغ بموجب المادة 1 (د) من اتفاقية مكافحة التبغ.

ويؤكد التقرير أن هذا الاستبعاد يتجاهل تجارب المدخنين السابقين الذين نجحوا في الانتقال إلى منتجات النيكوتين الأكثر أمانًا (SNPs) مثل السجائر الإلكترونية وأكياس النيكوتين.

الأيدي الخفية وراء سياسات مكافحة التبغ

اجندات خارجية

ختامًا، تعكس مخاوف ائتلاف CAPHRA مخاوف خبراء ومجموعات الحد من أضرار التبغ حول العالم، مما يُسلط الضوء على اتجاه مُقلق في مكافحة التبغ عالميًا، حيث دائما ما تطغى الأيديولوجية والمصالح الأجنبية على الأدلة العلمية والشفافية. 

مع اقتراب مؤتمر الأطراف الحادي عشر (COP11)، يُعزز نقص تمثيل المستهلكين وصنع السياسات خلف الأبواب المغلقة بيئةً مُواتيةً للتفكير الجماعي، مما يبدد جهود الحد من الأضرار ويُعرّض ملايين الأرواح للخطر. إن الدعوة إلى النزاهة العلمية واحترام السيادة الوطنية ليست في مهمة فحسب، بل هي ضرورية لحماية الصحة العامة حول العالم.

السجائر الإلكترونية واحدة من أفضل 3 طرق للإقلاع عن التدخين

اشترك في النشرة الإخبارية

انضم إلى اكثر من 8000 مشترك في نشرة اخبار Vaping Post. لتبقى على اطلاع بجميع أخبار السجائر الالكترونية

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments