في السنوات الأخيرة، أصبحت السجائر الإلكترونية موضع جدل واسع في الأوساط العلمية والصحية، حيث يُنظر إليها من البعض كأداة فعالة لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين، بينما يرى آخرون أنها قد تُبقيهم في دائرة الإدمان على النيكوتين. ومع تزايد الاهتمام بالصحة العامة وتراجع معدلات التدخين التقليدي، تسعى العديد من الدراسات إلى استكشاف تأثير استخدام السجائر الإلكترونية على معدلات الإقلاع عن التدخين.

في هذا السياق، نُشرت دراسة حديثة في JAMA Network Open تناولت العلاقة بين استخدام السجائر الإلكترونية بشكل يومي وفرص الإقلاع عن التدخين. أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية بشكل يومي لديهم احتمالية أعلى للإقلاع عن التدخين مقارنة بمن لا يستخدمونها أو يستخدمونها بشكل غير منتظم. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل منهجية الدراسة ونتائجها، إضافةً إلى تحليل أهم الاستنتاجات التي توصلت إليها.

شارك في الدراسة أكثر من 30 الف شخص

أُجريت هذه الدراسة اعتمادًا على تحليل بيانات المسح الوطني لاستخدام المخدرات والصحة في الولايات المتحدة، والتي تم جمعها خلال الفترة الممتدة من عام 2015 إلى 2019. وقد شارك في الدراسة ما مجموعه 30,851 شخصًا من المدخنين الحاليين والسابقين، مما وفر مجموعة بيانات غنية للتحليل.

تم تقسيم المشاركين إلى مجموعات وفقًا لعادات التدخين لديهم، حيث جرى تصنيفهم كالتالي:

  • مدخنون حاليون: الأشخاص الذين يدخنون السجائر التقليدية بانتظام.
  • مدخنون سابقون: الأفراد الذين كانوا يدخنون ولكنهم توقفوا.
  • مستخدمو السجائر الإلكترونية بشكل يومي: الأشخاص الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية كل يوم.
  • مستخدمو السجائر الإلكترونية بشكل غير يومي: أولئك الذين يستخدمونها بشكل متقطع أو عرضي.
  • أشخاص لا يستخدمون السجائر الإلكترونية مطلقًا.

اعتمد الباحثون على تحليل البيانات المأخوذة من هذا المسح لتحديد ما إذا كان استخدام السجائر الإلكترونية له تأثير إيجابي على فرص الإقلاع عن التدخين التقليدي. تم أخذ عوامل مختلفة بعين الاعتبار، مثل العمر، الجنس، المستوى التعليمي، والمعدل اليومي لاستهلاك السجائر التقليدية. كما استخدمت الدراسة نماذج إحصائية متقدمة لمقارنة معدلات الإقلاع بين المجموعات المختلفة وضمان أن النتائج لا تتأثر بعوامل خارجية.

بالإضافة إلى ذلك، تم جمع معلومات حول المحاولات السابقة للإقلاع عن التدخين، مما سمح للباحثين بتحديد ما إذا كان استخدام السجائر الإلكترونية قد زاد من احتمالية النجاح في الإقلاع عن التدخين على المدى الطويل.

النتائج

بيانات المسح الوطني الأمريكي

توصلت الدراسة إلى نتائج مثيرة للاهتمام، حيث أظهرت أن الأشخاص الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية بشكل يومي كانوا أكثر عرضة للإقلاع عن التدخين مقارنة بغير المستخدمين أو أولئك الذين يستخدمونها بشكل غير منتظم.

ومن أبرز النتائج التي كشفتها الدراسة:

  • ارتفاع معدل الإقلاع عن التدخين بين المدخنين الذين استخدموا السجائر الإلكترونية بشكل يومي، حيث بلغت نسبة الإقلاع لديهم 28% مقارنة بـ 5.8% فقط بين أولئك الذين لم يستخدموا السجائر الإلكترونية مطلقًا.
  • لأشخاص الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية بشكل غير منتظم لم يظهروا زيادة ملحوظة في معدلات الإقلاع عن التدخين، مما يشير إلى أن الاستخدام المتقطع قد لا يكون له تأثير فعال.
  • حتى بعد التحكم في العوامل الأخرى مثل العمر والجنس ومستوى التدخين، ظلت العلاقة الإيجابية بين الاستخدام اليومي للسجائر الإلكترونية وزيادة فرص الإقلاع قائمة.
  • أوضحت الدراسة أن المدخنين الذين لجأوا إلى السجائر الإلكترونية بشكل يومي كانوا أكثر عرضة للاستمرار في عدم التدخين لفترة طويلة، مما يدعم فرضية أن استخدامها قد يكون أداة فعالة جدا.
  • الأشخاص الذين استخدموا السجائر الإلكترونية لأكثر من عام كانوا أكثر عرضة للاستمرار في الامتناع عن التدخين بنسبة 40% مقارنة بأولئك الذين لم يستخدموها.
  • تم تسجيل زيادة في معدلات الإقلاع بين الفئات العمرية الشابة (18-34 عامًا)، حيث أظهروا استجابة إيجابية أكبر لاستخدام السجائر الإلكترونية كأداة مساعدة.

تؤكد هذه الدراسة أن السجائر الإلكترونية هي أحد الحلول الفعالة للإقلاع عن التدخين. على الرغم من ذلك، لا تزال هناك حاجة لمزيد من الدراسات طويلة الأمد لتحديد التأثيرات الصحية للاستخدام المستمر للسجائر الإلكترونية.

السجائر الإلكترونية فعالة جدا

فعالية السجائر الإلكترونية في الإقلاع عن التدخين

تشير نتائج هذه الدراسة إلى أن استخدام السجائر الإلكترونية بشكل يومي يجعلها أداة فعالة لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين التقليدي. وجد الباحثون أن المستخدمين اليوميين لهذه الأجهزة كانوا أكثر عرضة للإقلاع مقارنة بغير المستخدمين أو المستخدمين غير المنتظمين. ورغم أن الدراسة تدعم فكرة أن السجائر الإلكترونية تلعب دورًا إيجابيًا في الحد من التدخين، إلا أنها لا تبرئها من المخاطر المحتملة.

تبقى السجائر الإلكترونية أكثر أمانا من التدخين، حيث أعلنت هيئة الصحة العامة في إنجلترا (PHE) رسميًا أن “السجائر الإلكترونية أكثر أمانًا بنسبة 95٪ على الأقل من التدخين.

توضح الدراسة أيضا، أن النجاح في الإقلاع عن التدخين مرتبط باستخدام السجائر الإلكترونية بشكل يومي وليس بشكل متقطع. كما أن التأثير الإيجابي لهذه الأجهزة يبدو أكثر وضوحًا بين الفئات الشابة.

في النهاية، تبقى مسألة الإقلاع عن التدخين قرارًا فرديًا يعتمد على العديد من العوامل، بما في ذلك توفر وسائل الدعم المناسبة والوعي بالمخاطر المحتملة. ومع ذلك، فإن الأدلة الحالية تشير إلى أن السجائر الإلكترونية يمكن أن تكون خيارًا فعالًا لأولئك الذين يسعون للتوقف عن التدخين، خاصة عند استخدامها بشكل يومي ومنتظم.

المصادر :

Quach NE, Pierce JP, Chen J, et al. Daily or Nondaily Vaping and Smoking Cessation Among Smokers. JAMA Netw Open. 2025;8(3):e250089. doi:10.1001/jamanetworkopen.2025.0089

اشترك في النشرة الإخبارية

انضم إلى اكثر من 8000 مشترك في نشرة اخبار Vaping Post. لتبقى على اطلاع بجميع أخبار السجائر الالكترونية

المقال السابقمراجعة طقم Vinci Spark 220 من شركة Voopoo
Ahmad AL-FARAJI
مؤسس النسخة العربية من موقع Vaping Post , كنت من المعجبين بقيمة المعلومات التي ينشرها هذا الموقع بنسختيه الإنجليزية والفرنسية. في بداية 2020 خطرت لي فكرة حول حاجة مستخدم الفيب العربي لمعلومات بهذه الجودة ولكن باللغة العربية. بصفتي مدخنًا سابقًا تمكن من ترك التدخين بفضل الفيب ، شعرت على الفور بالحاجة إلى نقل هذه المفاهيم للحد من مخاطر التدخين.
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments