في خطوة جديدة تعكس الالتزام المتواصل بالصحة العامة، نالت قطر اعتمادًا أمميًا جديدًا من منظمة الصحة العالمية، جدّدت بموجبه الاعتراف بـ مركز مكافحة التدخين التابع لمؤسسة حمد الطبية كمركز متعاون مع المنظمة حتى عام 2029، ليكون بذلك المركز الوحيد من نوعه في منطقة شرق المتوسط.

ورغم أهمية هذا الإنجاز و فرادته على المستوى الإقليمي، يبقى السؤال: هل تواكب قطر ريادتها في مكافحة التبغ بوجود التحولات العالمية في مجال الحد من أضرار التدخين؟

إنجاز صحي يستحق الذكر

تؤكد منظمة الصحة العالمية، من خلال هذا التجديد، على ثقتها بالدور الذي يلعبه مركز مكافحة التدخين في قطر منذ عام 2017، ليس فقط في تقديم خدمات الإقلاع عن التدخين، بل أيضًا في تقديم الخبرة البحثية والتدريب الإقليمي للكوادر الصحية في المنطقة.

وقد تميّز المركز باعتماده نهجًا تكامليًا يجمع بين الدعم السلوكي والعلاج الدوائي، إضافة إلى دمج خدماته ضمن النظام الصحي العام، بما في ذلك توفير خدمات الخط الساخن للإقلاع عن التدخين. كما ساهم في إطلاق حملات توعوية موجّهة للمدارس والمجتمع، خاصة فيما يتعلق بخطر الشيشة وتبغ النرجيلة، وهو ما يُعد محورًا بالغ الأهمية في بلدانٍ لا تزال الشيشة فيها تُعامل باعتبارها “أقل ضررًا”.

في قلب سياسات مكافحة التبغ العالمية

لا يمكن قراءة هذا الاعتماد الأممي بمعزل عن التزام قطر ببنود اتفاقية الإطار لمنظمة الصحة العالمية (WHO FCTC)، والتي تنص على سلسلة من الإجراءات المعروفة اختصارًا بـ MPOWER، وتشمل رفع الضرائب، الحظر الإعلاني، التحذيرات المصوّرة على العبوات، وتقديم خدمات المساعدة للإقلاع.

وقد برزت قطر خلال السنوات الماضية كدولة سبّاقة في هذا المجال، إذ أقرت قوانين صارمة تمنع التدخين في الأماكن العامة، وتفرض رقابة على إعلانات منتجات التبغ، فضلاً عن تحركات لدراسة تطبيق التغليف البسيط (Plain Packaging) أسوةً بتجارب دول مثل أستراليا وفرنسا.

غياب الفيب عن المشهد… خيار أم تجاهل؟

ورغم هذا التقدّم، نلاحظ غياب كامل لأي حديث عن منتجات النيكوتين البديلة مثل السجائر الإلكترونية أو التبغ المُسخّن وحتى اكياس النيكوتين، سواء في خطاب وزارة الصحة أو في أنشطة مركز مكافحة التدخين.

هذا التغييب يطرح تساؤلات جدّية، خصوصًا في ظل ما أظهرته الدراسات الدولية حول دور هذه البدائل في خفض نسب التدخين في بلدان كالمملكة المتحدة ونيوزيلندا.

صحيح أن قطر تُعد دولة محافظة نسبيًا تجاه تقنين هذه المنتجات، شأنها في ذلك شأن كثير من دول المنطقة، لكن تجاهل هذه الخيارات نهائيًا من النقاش العام قد يُضيّع فرصًا محتملة للحد من الأضرار على المدخنين البالغين الذين لم يتمكنوا من الإقلاع بالطرق التقليدية.

بين الصحة العامة وخيارات الأفراد

إن التقدير الذي ناله مركز مكافحة التدخين القطري ليس مجرد وسام أممي، بل هو اعتراف بتفوّق نموذج علاجي وقائي يستحق التعميم.

لكن في موازاة ذلك، تبقى الحاجة لتبنّي نقاش علمي منفتح حول جميع الوسائل الممكنة لمكافحة التبغ، بما في ذلك تلك التي تعتمد على تقليل الضرر لا فقط المنع الكامل.

فكما أن هناك جهودًا ناجحة لثني الشباب عن الشيشة والتدخين، هناك أيضًا ملايين المدخنين في العالم العربي بحاجة إلى بدائل أقل ضررًا — وليس فقط إلى شعارات إقلاع قد لا تنجح معهم. وما بين التحذير والمنع، تبقى المعرفة العلمية والتوازن أساس السياسات الذكية.

قطر: مؤسسة حمد الطبية تطلق دراسة إكلينيكية لتحديد أكثر الأساليب الفعالة للإقلاع عن تدخين الشيشة

اشترك في النشرة الإخبارية

انضم إلى اكثر من 8000 مشترك في نشرة اخبار Vaping Post. لتبقى على اطلاع بجميع أخبار السجائر الالكترونية

المقال السابقمراجعة بود Coolfire P60 من شركة Innokin
Ahmad AL-FARAJI
مؤسس النسخة العربية من موقع Vaping Post , كنت من المعجبين بقيمة المعلومات التي ينشرها هذا الموقع بنسختيه الإنجليزية والفرنسية. في بداية 2020 خطرت لي فكرة حول حاجة مستخدم الفيب العربي لمعلومات بهذه الجودة ولكن باللغة العربية. بصفتي مدخنًا سابقًا تمكن من ترك التدخين بفضل الفيب ، شعرت على الفور بالحاجة إلى نقل هذه المفاهيم للحد من مخاطر التدخين.
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments