في خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط الصحية والبيئية، قررت بلجيكا حظر بيع السجائر الإلكترونية ذات الاستخدام الواحد اعتبارًا من 1 يناير 2025. بهذا القرار، تصبح بلجيكا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تتبنى هذا النهج، مدعية أن الهدف هو حماية الشباب وتقليل الضرر البيئي الناتج عن هذه المنتجات. لكن هل الاجراء هو الحل الأمثل؟
الأسباب وراء حظر السجائر الإلكترونية ذات الاستخدام الواحد
تجارب دولية: ما الذي نستنتجه؟
على الرغم من الهدف السامي وراء مثل هذه القرارات، لكن تخبرنا التجارب السابقة في دول أخرى العكس تماما، يبدو أن الحظر لا يؤدي دائمًا إلى النتائج المرجوة.
فرضت أستراليا قيودًا صارمة على بيع السجائر الإلكترونية خارج الصيدليات في محاولة لحماية الصحة العامة. ومع ذلك، أدى هذا القرار إلى انتشار السوق السوداء، حيث ارتفعت معدلات بيع منتجات السجائر الإلكترونية غير المنظمة بشكل كبير. ونتيجة لذلك، لم تتحقق أهداف الحد من التدخين بل ازدادت نسبة الشباب الذين يلجأون إلى منتجات غير آمنة.
أما في الولايات المتحدة الامريكية التي فرضت حظرًا مشابهًا، مثل ماساتشوستس ونيويورك، ارتفعت معدلات التدخين مجددًا. وهذا يُظهر أن القرارات التي تستهدف السجائر الإلكترونية دون تقديم بدائل فعالة قد تدفع المستهلكين إلى العودة إلى التدخين التقليدي، وهو أكثر ضررًا بلا شك.
تستعد بريطانيا للقيام بحظر السجائر الإلكترونية ذات الاستخدام الواحد بحلول يونيو 2025. لكن بالنظر إلى تجارب دول أخرى، يتوقع العديد من الخبراء أن يؤدي هذا إلى ازدهار السوق السوداء، مما قد يؤدي إلى توفر منتجات غير مطابقة للمواصفات ويزيد من المخاطر الصحية.
عند فرض قيود صارمة أو حظر شامل على منتجات معينة، الأمر الذي يولد فراغ في العرض مقابل الطلب وهذا ما يجعل الأسواق السوداء تزدهر لسد هذا الفراغ. أدى الحظر في أستراليا إلى عدم تمكن 1.7 مليون من مدخني السجائر الإلكترونية البالغين في أستراليا إلى حد كبير من الوصول إلى منتجات التدخين الإلكتروني القانونية. ونتيجة لذلك، قد يعود الكثيرون إلى التدخين، بينما يضطر آخرون إلى الاعتماد على السوق السوداء، التي لا تزال مزدهرة على الرغم من التغييرات التنظيمية.
عندما تُمنع السجائر الإلكترونية أو تصبح صعبة المنال، فإن كثيرًا من المدخنين يعودون إلى السجائر التقليدية. في ماساتشوستس، ارتفعت مبيعات السجائر بنسبة 7% بعد حظر منتجات النيكوتين الإلكترونية ذات النكهات. وهذا دليل واضح على أن القرارات التي تهدف إلى حماية الصحة العامة قد تؤدي إلى نتائج عكسية إذا لم تُدرس بعناية.
التأثير البيئي
السبب الآخر وراء حظر السجائر الإلكترونية ذات الاستخدام الواحد هو لحماية البيئة، لكن يجب النظر إلى الأثر البيئي للسجائر التقليدية أيضًا. تحتوي أعقاب السجائر على مواد بلاستيكية وسموم تستغرق عقودًا لتتحلل، وتُعد من أكثر العناصر التي تُلقى في الطبيعة بشكل غير منظم. بالمقارنة، يمكن تطوير حلول لإعادة تدوير السجائر الإلكترونية أو تحسين تصاميمها لتكون أكثر استدامة.
بدلاً من اللجوء إلى الحظر الكامل، يمكن للحكومات تبني استراتيجيات أكثر توازنًا تشمل:
فرض قيود عمرية صارمة: تشديد الرقابة على مبيعات السجائر الإلكترونية لضمان عدم وصولها إلى القاصرين.
برامج توعية: التركيز على حملات توعية تستهدف الشباب والمراهقين لشرح مخاطر التدخين والنيكوتين.
إعادة التدوير: تطوير برامج إعادة تدوير للسجائر الإلكترونية القابلة للاستخدام مرة واحدة لتقليل الأثر البيئي.
على الرغم من أن قرار بلجيكا قد يبدو خطوة إيجابية من وجهة نظر المسؤولين، إلا أن التجارب الدولية تُظهر أن مثل هذه الإجراءات قد تؤدي إلى نتائج عكسية. بدلًا من الحظر، تحتاج الحكومات إلى تبني سياسات تنظيمية محكمة تضمن تقليل الضرر دون فتح المجال أمام السوق السوداء أو تشجيع العودة إلى السجائر التقليدية.
السجائر الإلكترونية هي وسيلة أقل ضررًا من التدخين التقليدي، واثبتت فعاليتها في الإقلاع عن التدخين. الحفاظ على توفرها في الأسواق المنظمة هو خطوة أساسية في مكافحة التدخين وحماية الصحة العامة.
حقيقة الأضرار البيئية الناجمة عن نفايات السجائر الإلكترونية ليست كما تتوقعها
