بعد أسابيع قليلة من تصويت لجنة الصحة النيابية في البرلمان العراقي بالاجماع على حظر استيراد السجائر الإلكترونية وأجهزة الفيب، جاء قرار الحكومة العراقية برفع هذا الحظر ليعيد فتح النقاش مجددًا حول مستقبل تنظيم سوق السجائر الإلكترونية في البلاد. القرار الجديد، الذي صدر عن مجلس الوزراء برئاسة محمد شياع السوداني، جاء استجابة لتوصيات تقدّمت بها الهيئة العامة للكمارك، وبتنسيق مع عدد من الوزارات والجهات المعنية.

في مقال سابق نُشر على موقعنا Vaping Post، تناولنا تفاصيل مقترح الحظر، وردود الفعل الغاضبة التي سادت أوساط المستخدمين وأصحاب المتاجر، الذين رأوا في الحظر تهديدًا للحريات الشخصية ومصدر رزقهم. لكن القرار الحكومي الجديد يُظهر أن مجلس الوزراء قد اختار اتباع نهج أكثر مرونة، ربما استجابة لهذه الضغوط، أو انطلاقًا من تقييم واقعي لتداعيات الحظر الكلي.

هذا التراجع لا يعني بالضرورة إلغاء فكرة الحظر، بل يبدو وكأنه إعادة تقييم شاملة لجدوى التشريعات المرتبطة بالسجائر الإلكترونية، مع محاولة إيجاد توازن بين اعتبارات الصحة العامة، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية على الأرض.

اعتبارات اقتصادية وتنظيمية

وفق ما نُشر في وكالة الانباء العراقية (INA)، فإن القرار الحكومي بالسماح مجددًا باستيراد السجائر والأراجيل الإلكترونية جاء في إطار مراجعة موسعة للسياسات الجمركية والضريبية، في ظل تغيّرات تشهدها السوق العراقية واحتياجات المواطنين. الهيئة العامة للكمارك أوصت بالسماح بالاستيراد، شرط أن تخضع المنتجات للرقابة الصحية والفنية الصارمة، وهو ما وافق عليه مجلس الوزراء.

مجلس الوزراء
مصدر الصورة : موقع الامانة العامة لمجلس الوزراء العراقي

من الناحية السياسية، يعكس هذا القرار مرونة في إدارة الملفات اليومية من قبل الحكومة العراقية، التي أصبحت مستعدة للتعامل الواقعي مع القضايا الحساسة بعيدًا عن الشعارات، مع محاولة احتواء التوتر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بخصوص ملف السجائر الإلكترونية.

وفي بلد مثل العراق، حيث الأسواق الغير شرعية تنشط بسرعة في ظل غياب التنظيم، فإن رفع الحظر قد يكون خطوة للسيطرة على القطاع، بدلًا من تركه يتفلت خارج الأطر القانونية.

ارتياح نسبي في السوق والمجتمع

نصائح للتحول إلى استخدام السجائر الإلكترونية وترك التدخين

ردود الفعل جاءت سريعة، خاصة من أصحاب المحلات وموزعي السجائر الإلكترونية. بعد حالة من الغموض القانوني و التخوف من حملات التفتيش والمصادرة، بات بمقدورهم الآن العمل تحت مظلة قانونية واضحة – ولو بشكل مؤقت – في انتظار تعليمات تنفيذية إضافية.

كما عبّر العديد من مستخدمي السجائر الإلكترونية عن ارتياحهم لهذا القرار، خاصة من اختاروها كبديل يساعدهم على تقليل أضرار التدخين أو الإقلاع عنه. بالنسبة لهؤلاء، العودة إلى السجائر التقليدية لم تكن خيارًا مطروحًا، وكان الحظر يهدد جهودهم في الإقلاع عن التدخين.

إلا أن هذا الارتياح لا يخلو من الحذر. فغياب الإطار التنظيمي التفصيلي ما زال يُثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا القرار مؤقتًا، أم أنه مقدّمة لمرحلة جديدة من التنظيم والتشريع المستند إلى أسس علمية واقتصادية واضحة.

بين التراجع التكتيكي والتنظيم المنتظر

يتساءل المراقبون اليوم: هل رفع الحظر خطوة محسوبة من حكومة السوداني نحو بناء سياسة صحية أكثر توازنًا؟ أم أنه مجرد استجابة مؤقتة للضغوط دون رؤية استراتيجية واضحة؟

الواقع أن كثيرًا من الدول – مثل المملكة المتحدة و نيوزيلندا – اختارت تنظيم سوق السجائر الإلكترونية بدلًا من حظره، ما ساهم في خفض معدلات التدخين من دون خلق فوضى في السوق. هذا النموذج يمكن أن يكون مصدر إلهام للعراق، خصوصًا إن تم وضع تشريعات صارمة تنظم الأعمار المسموح لها بالاستخدام، وجودة المنتجات، ومحتوى النيكوتين، ومنع التسويق غير الأخلاقي.

وفي ظل هذه التحولات، تقع على عاتق حكومة السوداني مسؤولية استغلال هذه اللحظة السياسية لإعادة رسم خريطة السياسات المرتبطة بالسجائر الإلكترونية، بما يحمي الصحة العامة، ويعزّز التنظيم الاقتصادي، ويمنع الانزلاق إلى فوضى السوق السوداء أو القرارات المرتجلة.

السجائر الإلكترونية واحدة من أفضل 3 طرق للإقلاع عن التدخين

اشترك في النشرة الإخبارية

انضم إلى اكثر من 8000 مشترك في نشرة اخبار Vaping Post. لتبقى على اطلاع بجميع أخبار السجائر الالكترونية