في السنوات الأخيرة، اختلف الكثير حول السجائر الإلكترونية كبديل أقل ضررًا من السجائر التقليدية. وتتزايد الأبحاث التي تركز على فهم تأثير السجائر الإلكترونية على الصحة، خصوصاً على صحة القلب والأوعية الدموية.
من بين الدراسات الحديثة البارزة، هي دراسة من كوريا الجنوبية، نُشرت في مجلة القلب الأوروبية، تكشف أن المدخنين المصابين بمرض الشريان التاجي (CAD) وامراض الـ MACE الذين يتحولون إلى السجائر الإلكترونية يعانون من مشاكل قلبية خطيرة أقل بكثير من أولئك الذين يستمرون في التدخين.
أمراض الـ MACE، أو “Major Adverse Cardiovascular Events”، تشير إلى الأمراض والمشاكل القلبية الوعائية الضارة الرئيسية، ويُستخدم هذا المصطلح كمعيار شائع في الأبحاث الطبية لتقييم التأثيرات السلبية على صحة القلب. تشمل هذه الأحداث النوبات القلبية (احتشاء عضلة القلب)، والسكتات الدماغية، والوفيات المرتبطة بأمراض القلب والأوعية.
تفاصيل الدراسة ومنهجيتها
شارك في هذه الدراسة مجموعة كبيرة من الأشخاص وصل عددهم إلى 17973 مشارك ممن يعانون من أمراض القلب، حيث خضع جميعهم لإجراء جراحي يعرف بـ التداخل العلاجي القلبي (PCI)، وهو إجراء طبي يستخدم لتوسيع الشرايين التاجية المغلقة أو الضيقة. ;تم تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات رئيسية:
- المجموعة الأولى: استمرت في استخدام السجائر التقليدية (49.8% من العينة).
- المجموعة الثانية: تحولت إلى السجائر الإلكترونية كبديل عن السجائر التقليدية (9.4% من العينة).
- المجموعة الثالثة: نجحت في الإقلاع التام عن التدخين بعد إجراء PCI (40.7% من العينة).
بعد متابعة لمدة 2,4 سنوات، عانى 17٪ من المدخنين المستمرين في التدخين من النوبات القلبية التاجية، مقارنة بـ 13.4٪ من أولئك الذين أقلعوا عن التدخين و10.8٪ من أولئك الذين تحولوا إلى السجائر الإلكترونية. والجدير بالذكر أن الأشخاص الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية لوحدها لديهم أقل نسبة خطر وصلت إلى 9.6٪، في حين شهد المستخدمون المزدوجون (السجائر الإلكترونية والتدخين معا) مخاطر أعلى قليلاً.
النتائج الرئيسية: السجائر الإلكترونية تقلل مخاطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية
أظهرت النتائج أن معدل حدوث النوبات القلبية والسكتات الدماغية كان أقل بشكل ملحوظ بين الأشخاص الذين تحولوا إلى السجائر الإلكترونية أو الذين أقلعوا عن التدخين مقارنةً بمن استمروا في التدخين التقليدي. وفيما يلي أبرز النتائج:
- معدل النوبات القلبية والسكتات الدماغية بين مستخدمي السجائر الإلكترونية: كان 10%.
- معدل النوبات القلبية والسكتات الدماغية بين المقلعين عن التدخين تماماً: كان 13.4%.
- معدل النوبات القلبية والسكتات الدماغية بين مستمري التدخين التقليدي: وصل إلى 17%.
تشير هذه النتائج إلى أن التحول إلى السجائر الإلكترونية كان مرتبطًا بانخفاض كبير في معدل النوبات القلبية والسكتات الدماغية، إذ انخفضت النسبة إلى 10% مقارنةً بمستخدمي السجائر التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين تحولوا إلى السجائر الإلكترونية كانوا على قدم المساواة تقريبًا مع الأشخاص الذين نجحوا في الإقلاع التام عن التدخين من حيث تقليل المخاطر القلبية، حيث كانت النسبة بينهم 13.4%.
المخاطر النسبية والتحليل الإحصائي
أجرى الباحثون تحليلًا متقدمًا لحساب المخاطر النسبية لحدوث النوبات القلبية والسكتات الدماغية في كل مجموعة، مع الأخذ بعين الاعتبار متغيرات أخرى مثل العمر والجنس وحالة الصحة العامة. وبناءً على هذا التحليل:
المخاطر النسبية لمستخدمي السجائر الإلكترونية: كانت 0.82 (بفترة ثقة 95% بين 0.69–0.98)، مما يعني انخفاضًا بنسبة 18% في مخاطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية بالمقارنة مع مستخدمي السجائر التقليدية.
المخاطر النسبية للمقلعين تمامًا عن التدخين: كانت 0.87 (بفترة ثقة 95% بين 0.79–0.96)، ما يدل على انخفاض بنسبة 13% في مخاطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية مقارنةً بالمستخدمين المستمرين للسجائر التقليدية.
أحد الجوانب المهمة التي تناولتها الدراسة كان تأثير التحول الكامل إلى السجائر الإلكترونية مقارنةً بالمستخدمين المزدوجين، وهم الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية والتقليدية معًا. أظهرت الدراسة أن التحول الكامل إلى السجائر الإلكترونية كان له تأثير أكبر في تقليل مخاطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية، حيث كانت المخاطر النسبية بين هؤلاء المستخدمين 0.71 (بفترة ثقة 95% بين 0.51–0.99)، ما يشير إلى انخفاض بنسبة 29% في المخاطر القلبية مقارنة بالمستخدمين المزدوجين.
التفسير والتوصيات
تقدم هذه الدراسة أدلة مهمة تدعم فكرة أن التحول إلى السجائر الإلكترونية يقلل من المخاطر القلبية مقارنةً بالاستمرار في التدخين التقليدي. ومع ذلك، لا تزال السجائر الإلكترونية تحتوي على النيكوتين وبعض المواد الكيميائية الأخرى، والتي يمكن أن تكون لها تأثيرات سلبية على الصحة على المدى الطويل. وبالتالي، تظل الرسالة الرئيسية هي أن الإقلاع التام عن التدخين، سواءً التقليدي أو الإلكتروني، هو الخيار الأفضل لصحة القلب.
تشير الدراسة أيضًا إلى أن السجائر الإلكترونية يمكن أن تكون خيارًا أقل ضررًا للأشخاص الذين يجدون صعوبة في الإقلاع عن التدخين تمامًا، خاصةً إذا كانوا يعانون من مشاكل صحية في القلب. وبهذه الحالة يكون الانتقال إلى السجائر الإلكترونية أفضل بكثير من الاستمرار في التدخين التقليدي.
توجهات الصحة العامة والحقائق العلمية حول السجائر الالكترونية
رغم أن هذه النتائج واعدة، إلا أن المنظمات الصحية لا تزال تتوخى الحذر بشأن التوصية بالسجائر الإلكترونية كبديل آمن للتدخين. وعلى الرغم من أن التحول إلى السجائر الإلكترونية يمكن أن يقلل من مخاطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية، إلا أنه ينبغي أن يتم توجيه هذا الخيار فقط للمدخنين الحاليين الذين يواجهون صعوبة في الإقلاع عن التدخين التقليدي.
تشير النتائج إلى أن السجائر الإلكترونية يمكن أن تكون بديلاً قابلاً للتطبيق للمرضى الذين يكافحون للإقلاع عن التدخين بعد خضوعهم لعمليات القلب، حيث يوفر تقليلًا كبيرًا للأضرار. ولاحظ الدكتور كونستانتينوس فارسالينوس، أخصائي أمراض القلب، أن هذه الدراسة قد تتحدى المفاهيم الخاطئة التي تربط النيكوتين بأمراض القلب.
حيث أشار إلى الأبحاث التي تساوي بين السجائر الإلكترونية والتدخين في مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية خاطئة تماما. وأكد أن هذا المنظور القائم على الأدلة قد يشجع المزيد من مقدمي الرعاية الصحية على دعم السجائر الإلكترونية كأداة للحد من الضرر للمرضى غير القادرين على الاقلاع عن التدخين تمامًا.