ماذا يحدث عندما نجمع بيانات علمية باستخدام نظام ذكاء اصطناعي معين ثم نعطي هذه البيانات لأنظمة ذكاء اصطناعي الأخرى بهدف دراسة التأثيرات الصحية لمنتج معين؟ هذا ماحدث بالضبط في دراسة اليوم التي تحاول التركيز على آثار استخدام السجائر الإلكترونية على الصحة.

الذكاء الاصطناعي والعلوم التجريبية

استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض علمية
استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض علمية يثير الكثير من التساؤلات.

أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) جزءًا من حياتنا اليومية. سواء تعلق الأمر بتحسين إنتاجيتنا، أو مساعدتنا في مهام معينة، أو حتى لجعل حياتنا أسهل. الذكاء الاصطناعي الآن مكونًا يجب أن نعتمد عليه. يجد المجتمع العلمي تطوير هذه الآلات التي من المفترض أن تكون قادرة على مساعدة الذكاء البشري فرصة تستحق التجربة. حيث يتم وبشكل متزايد استخدامها في الأبحاث والدراسات العلمية.

هذا هو الحال في دراسة اليوم التي نشرت في المجلة الطبية Nature، والتي تهدف إلى “منع المخاطر الصحية” للتدخين الإلكتروني.

باستخدام شبكة عصبية، حاول الباحثون التنبؤ بالتحولات التي سيخضع لها 180 منتجًا يستخدم لتصميم نكهات السوائل الإلكترونية كجزء من تفاعل الانحلال الحراري. تتكون هذه المنتجات من 66 إستر، 46 كيتون/ألدهيدات، 27 كحول/أسيتال، 26 نكهات غير متجانسة، و 15 حمض كربوكسيلي/أميدات.

الانحلال الحراري هو التحلل الكيميائي الناجم عن الحرارة للمركبات العضوية. بمعنى آخر، تم إنشاء هذه المركبات الجديدة بواسطة تسخين السائل الإلكتروني عند الفيب.

بيانات ينتجها الذكاء الاصطناعي، ويقيمها الذكاء الاصطناعي

باستخدام الذكاء الاصطناعي و”بيانات قياس الطيف الكتلي لتأثير الإلكترون التجريبي”، تمكن مؤلفو البحث من التنبؤ بالتحولات الكيميائية لكل من المركبات الـ 180 التي تمت دراستها، والمنتجات المرتبطة بها. وكان هناك ذكاء اصطناعي آخر مسؤولاً عن التقييم، وما هي فرص إنشاء كل مركب بعد الانحلال الحراري للمركب الأصلي الذي جاء منه. في المجمل، أظهرت توقعات الذكاء الاصطناعي أنه سيتم إنشاء 7307 مركب بعد تسخين المركبات الأصلية البالغ عددها 180 مركبًا. تم حذف 4524 نسخة مكررة لنفس النكهة.

تم بعد ذلك استخراج بيانات محددة من النتائج ثم إدخالها مرة أخرى في الذكاء الاصطناعي من أجل دمجها مع “بيانات تجريبية” أخرى. يهدف هذا الإجراء إلى تحديد نتائج الانحلال الحراري الأكثر احتمالية لكل مركب من المركبات الأصلية البالغ عددها 180 مركبًا، ومن ثم التمكن من تحديد المخاطر الصحية لها.

للأسف ينتظر العلماء بحماس كيف يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي (AI) أن تحسن الأبحاث.مقتطف من مقال علمي يحذر من مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي.

ثم بقي سؤال بلا إجابة: ما هي درجة الحرارة التي تحتاجها ظاهرة الانحلال الحراري التي تؤدي إلى تكوين كل هذه المركبات الكيميائية؟ لاحظ الباحثون أن طاقة التنشيط، أي الحد الأدنى من الطاقة اللازمة لمواصلة التفاعل، هي طريقة ممتازة للحصول على تقدير أولي للظروف الحرارية اللازمة لحدوث الانحلال الحراري. ومع ذلك، كما يوضحون، فإن “تحديد هذا الأمر شاق للغاية من الناحية التجريبية ومكلف حسابيًا، لأنه يتطلب حسابات كيميائية معقدة”.

و لتبسيط الأمور، استخدموا الذكاء الاصطناعي مرة أخرى، ليكون من الممكن تحديد الظروف التي قد تكون ضرورية حقًا لظاهرة الانحلال الحراري، ثم إنتاج ملف يجمع معًا كل من المركبات المستحثة من خلال هذا التفاعل للمركبات الـ 180 التي تمت دراستها، إلى جانب تصنيفات المخاطر المرتبطة بها.

وفي استنتاجاتهم، لاحظ الباحثون أن 24% من المركبات المكتشفة تصنف على أنها سامة جدا أو خطرة على الصحة، وأنه في حين تظهر نتائجهم أن هناك أوجه تشابه مع التدخين. وان مقارنة ضرر التدخين الإلكتروني، مع ضرر التدخين فقط، سيعمل على تقليل الأمان، خاصة بالنسبة للشباب غير المدخنين”. كما يوصون “بتقليل عدد المركبات الكيميائية في السوائل الإلكترونية”.

ذكاء اصطناعي هنا، ذكاء اصطناعي هناك

اهتمام العلماء بموضوع السجائر الإلكترونية أمر جيد ومهم، لكن هذه الدراسة تمتلك العديد من المشاكل. اهمها، استخدام الذكاء الاصطناعي، بل وحتى الإفراط في استخدامه. مع العلم أن معرفة الذكاء الاصطناعي لا تأتي إلا من البيانات التي تم تغذيته بها. بمعنى آخر، هذه الاستنتاجات مبنية على بيانات غير معروف مصدرها تم تغذية الذكاء الاصطناعي بها.

بالاضافة الى ان اعطار الذكاء الاصطناعي اسماء المركبات البالغ عددها 180 لا يجوز. حيث يجب “تحويل” المركبات الأصلية إلى بيانات يمكنه استيعابها، وإلا سيتم تشويه النتائج بهذه الطريقة.

إن مثل هذه الأوهام تحجب قدرة المجتمع العلمي على رؤية الحقائق العلمية الأحادية، حيث تهيمن أنواع معينة من الأساليب والأسئلة ووجهات النظر على الأساليب البديلة، مما يجعل العلم أقل إبداعا وأكثر عرضة للخطأ.جزء من مقال علمي يحذر من مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي.

تم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مبالغ به. أولاً للتنبؤ بالمركبات الكيميائية المحتملة التي يمكن إنشاؤها، ثم منحها درجة احتمالية للتكوين، وأخيرًا دمج النتيجة مع بيانات أخرى توصف بأنها “تجريبية”. في ظل هذه الظروف، من الصعب معرفة ما تبقى بالفعل من البيانات الأصلية بعد معالجتها باستخدام الذكاء الاصطناعي عدة مرات متتالية. مع العلم أن هذه البيانات أُعطيت، مرة أخرى، للذكاء الاصطناعي لمحاولة حساب الشروط التي يجب استيفاؤها بالفعل حتى يحدث كل هذا.

بصرف النظر عن حقيقة أن كل هذه النتائج خطيرة على أقل تقدير، دعونا نلاحظ أيضًا أن كل جهاز vaping يعمل عند درجات حرارة مختلفة، وله مقاومات مكونة بشكل مختلف، وأن هناك عشرات الآلاف من السوائل الإلكترونية في السوق، جميعها تحمل تكوين مختلف. بمعنى آخر، حتى لو كان جزء من نتائج هذه الدراسة صحيحًا، فإنها لن تتوافق إلا مع جزء صغير جدا من السجائر الإلكترونية، والسائل الإلكتروني المستخدم، والمقاومة المستخدمة، ودرجة الحرارة، الخ.

المجتمع العلمي يحذر من الذكاء الاصطناعي

يشعر المجتمع العلمي بالقلق من استخدام الذكاء الاصطناعي في الدراسات. في مارس/آذار الماضي، نشر باحثان مقالاً في نفس المجلة الطبية التي نُشرت فيها هذه الدراسة، محذرين من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن “يستغل حدودنا المعرفية، مما يجعلنا عرضة للأوهام وأننا نفهم العالم بشكل أفضل مما نفهمه حقًا”. وخلصوا إلى الإشارة إلى أن انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي في العلوم يهدد “بدخول مرحلة من البحث العلمي سننتج فيها أكثر مما نفهم”.

المصادر :

1 Kishimoto, A., Wu, D. & O’Shea, D.F. Forecasting vaping health risks through neural network model prediction of flavour pyrolysis reactions. Sci Rep 14, 9591 (2024). https://doi.org/10.1038/s41598-024-59619-x.

2 Messeri, L., Crockett, M.J. Artificial intelligence and illusions of understanding in scientific research. Nature 627, 49–58 (2024). https://doi.org/10.1038/s41586-024-07146-0.

اشترك في النشرة الإخبارية

انضم إلى اكثر من 8000 مشترك في نشرة اخبار Vaping Post. لتبقى على اطلاع بجميع أخبار السجائر الالكترونية