مع اقتراب نهاية إدارة بايدن، وقرب بداية ولاية دونالد ترامب قدمت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية اقتراحًا إلى مكتب الإدارة والميزانية لخفض مستويات النيكوتين في منتجات التبغ. وهنا الادارة تقصد جميع المنتجات، من بدائل النيكوتين الأكثر أمانًا مثل السجائر الإلكترونية ومنتجات التبغ المسخن وأكياس النيكوتين. بحجة ان هذه الخطوة التنظيمية المهمة ستؤدي إلى خفض الإدمان وتشجع المدخنين على الإقلاع عن التدخين.
لكن، هل تعي إدارة الغذاء والدواء الأمريكية مخاطر تطبيق هذه التدابير على جميع منتجات بدائل النيكوتين؟
تعتبر فكرة الحد من مستويات النيكوتين قيد المناقشة منذ عام 2018، حيث أكد مفوض إدارة الغذاء والدواء للرئيس بايدن، الدكتور روبرت كاليف، على الحاجة إلى تدابير جريئة في عام 2022. ويتماشى الاقتراح مع الأبحاث التي تشير إلى أن خفض النيكوتين يقلل من تكرار التدخين واعراض الانسحاب، مما يساعد في الإقلاع عن التدخين. في حين أن العملية تنطوي على ردود فعل عامة وتحديات قانونية محتملة من قطاع صناعة التبغ، ويعتقد المؤيدون أن هذا الإجراء يمكن أن يحدث ثورة في الصحة العامة.
معالجة إدمان النيكوتين!
لا يزال التدخين سببًا رئيسيًا للوفاة في الولايات المتحدة، حيث يؤثر على أكثر من 28 مليون شخص بالغ، ويعاني 16 مليونًا منهم من أمراض مرتبطة بالتدخين. الطبيعة الإدمانية للنيكوتين تعقد الإقلاع عن التدخين – على الرغم من أن معظم المدخنين يعربون عن رغبتهم في الإقلاع، إلا أن أقل من 10٪ ينجحون سنويًا.
ومع ذلك، فإن المناقشة حول تحديد نسب النيكوتين في منتجات التبغ تثير ردود فعل قوية وحججًا من كلا الجانبين. يزعم المدافعون عن خفض النيكوتين أن تقليل نسبة النيكوتين يمكن أن تقلل بشكل كبير من إدمان التبغ. ويشيرون إلى دراسات تشير إلى أنه عندما يتم خفض مستويات النيكوتين في السجائر إلى مستويات ضئيلة (على سبيل المثال، أقل من 0.5 مجم لكل سيجارة)، يقلل المدخنون من استهلاكهم للسجائر ويبذلون المزيد من المحاولات للإقلاع عن التدخين.
تشير تقديرات إدارة الغذاء والدواء إلى أن خفض نسب النيكوتين يمكن أن تمنع أكثر من 33 مليون شخص من التحول إلى مدخنين منتظمين، ويدفع 5 ملايين مدخن حالي إلى الإقلاع عن التدخين في غضون عام، ويؤدي إلى اكتساب 134 مليون سنة حياة إضافية. يعتقد المؤيدون لفرض حدود للنيكوتين أن تحديد مستويات النيكوتين يمكن أن يجعل الإقلاع عن التدخين أكثر سهولة ويقلل من معدلات بدأ الشباب في التدخين، في إشارة إلى البيانات التي تشير إلى أن عددًا كبيرًا من طلاب المدارس المتوسطة والثانوية في الولايات المتحدة يستخدمون السجائر الإلكترونية حاليًا.
يزعم المؤيدون أن الحد من احتمالات الإدمان يتماشى مع أهداف الصحة العامة الأوسع نطاقًا، مثل الوصول إلى بلدان خالية من التدخين. ومع ذلك، فإنهم يميلون إلى الفشل في التمييز بين خفض مستويات النيكوتين في سجائر التبغ القاتلة، وبدائل النيكوتين الأكثر أمانًا مثل السجائر الإلكترونية ومنتجات التبغ المسخن وأكياس النيكوتين. وفي الوقت نفسه، يحذر المنتقدون من أن وضع حدود للنيكوتين قد يكون له عواقب وخيمة على الصحة العامة.
ماذا تخبرنا الدراسات في الواقع؟
لا تعتبر هذه الممارسات جديدة، حيث تم تطبيقها في بعض الدول واثبتت فشلها. خفض مستويات النيكوتين سيدفع المدخنين إلى استهلاك المزيد من السجائر لإشباع إدمانهم، مما يزيد من التعرض للمواد الكيميائية الضارة. وعلاوة على ذلك، تشير البيانات في الواقع في دول مثل نيوزيلندا – حيث تم تنفيذ مثل هذه التدابير، إلى نتائج سيئة جدا.
في حين أشارت بيانات من المملكة المتحدة عام 2017 إلى أن خفض مستويات النيكوتين على منتجات التدخين الإلكتروني كجزء من توجيه منتجات التبغ في الاتحاد الأوروبي (TPD) في المملكة المتحدة، دفع العديد من المدخنين الذين تحولوا إلى السجائر الإلكترونية إلى العودة إلى التدخين من جديد.
تميل مثل هذه القيود إلى تعزيز الأسواق السوداء للمنتجات التي تحتوي على النيكوتين بنسب أعلى، مما يتعارض مع جهود الصحة العامة ويعقد عملية التنفيذ. كان هذا في الواقع نمطًا قد أثبت فشله في المملكة المتحدة. في كل شهر، تصادر السلطات في جميع أنحاء المملكة المتحدة عشرات الآلاف من السجائر الإلكترونية غير القانونية من بائعي السوق السوداء. في عام 2023، تم تحديد ما يقارب من 3000 بائع متورطين في تجارة السجائر الإلكترونية غير القانونية على مستوى البلاد.
قد يكون خفض النيكوتين يقدم بعض الفوائد عند تطبيقه على سجائر التبغ، فإن الحالة مختلفة بالنسبة لمنتجات النيكوتين البديلة الأكثر أمانًا. يتطلب تنفيذ مثل هذه التدابير الانتباه إلى الدراسات العلمية والبيانات الواقعية لضمان الفعالية ومعالجة التفاوتات، مما يؤدي في النهاية إلى خلق نهج متوازن لمستقبل أكثر صحة.
لم تحظى مساعي إدارة الغذاء والدواء بردود فعل ايجابية، ويبدو ان الولايات المتحدة في ولاية ترامب تتحرك نحو سياسة الحد من مخاطر التدخين، من خلال الترويج لمنتجات النيكوتين البديلة الأكثر أمانًا، مثل السجائر الإلكترونية.