في ظل تزايد الجدل حول السجائر الإلكترونية، يتنامى انتشار المعلومات المضللة التي تؤثر على إدراك المدخنين لهذه المنتجات كأداة للإقلاع عن التدخين. في دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nicotine & Tobacco Research، التي تصدر عن دار نشر جامعة أكسفورد، وجد الباحثون أن انتشار المعلومات الخاطئة حول السجائر الإلكترونية قد يكون عائقًا رئيسيًا أمام المدخنين الذين يرغبون في الإقلاع عن التدخين التقليدي.

تكشف الدراسة أن المخاوف غير المستندة إلى أدلة علمية حول الفيب (vape) قد تجعل العديد من المدخنين يترددون في استخدامه كبديل أقل ضررًا مقارنة بالسجائر التقليدية. كما تسلط الضوء على أهمية توعية الجمهور بالمعلومات الدقيقة حول هذه المنتجات، مما قد يساعد في تقليل نسب التدخين وتحسين الصحة العامة.

في هذا المقال، سنناقش منهجية هذه الدراسة وأسس البحث العلمي الذي اعتمدته، ثم نعرض نتائجها واستنتاجاتها، وأخيرًا نناقش فعالية السجائر الإلكترونية في مساعدة المدخنين على الإقلاع وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالتدخين التقليدي.

اهمية فهم المدخنين لـ السجائر الإلكترونية

لتحليل تأثير المعلومات الخاطئة حول السجائر الإلكترونية، استخدم الباحثون نهجًا علميًا يرتكز على دراسة سلوكيات المدخنين تجاه الفيب وتأثير المعلومات المتناقضة التي تصل إليهم من خلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.

شملت الدراسة عددًا كبيرًا من المدخنين، حيث تم تقسيمهم إلى مجموعات وفقًا لمستوى تعرضهم للمعلومات السلبية والمغلوطة عن السجائر الإلكترونية. تم تحليل ردود فعلهم وسلوكياتهم فيما يتعلق بقرار استخدام الفيب كوسيلة للإقلاع عن التدخين، بالإضافة إلى تقييم مدى تأثرهم بالمعلومات المغلوطة المنتشرة حوله.

كيف يرى الناس ضرر السجائر الالكترونية
الجدول 2. الارتباطات بين الضرر المتصور للتدخين الإلكتروني مقارنة بالتدخين

اعتمدت الدراسة على استطلاعات رأي وتحليل بيانات مدخنين في مراحل مختلفة من محاولات الإقلاع، بهدف فهم العلاقة بين المعلومات التي تصل إليهم ومدى استعدادهم لتبني السجائر الإلكترونية كبديل أقل ضررًا. كما تم فحص مصادر هذه المعلومات الخاطئة، والتي تشمل التقارير الإعلامية غير الدقيقة، والتصريحات المضللة من بعض الجهات الصحية، بالإضافة إلى تأثير الشائعات المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي.

المسؤولية على عاتق الهيئات الصحية والجهات البحثية

أظهرت الدراسة أن هناك علاقة مباشرة بين تعرض المدخنين للمعلومات السلبية حول السجائر الإلكترونية وبين انخفاض احتمالية استخدامها كوسيلة للإقلاع عن التدخين.

أبرز النتائج:

  • المدخنون الذين تعرضوا لمعلومات خاطئة حول المخاطر الصحية للسجائر الإلكترونية كانوا أقل ميلًا لاستخدامها كبديل للتدخين التقليدي.
  • الشكوك حول سلامة الفيب جعلت بعض المدخنين يفضلون الاستمرار في تدخين السجائر التقليدية بدلاً من التحول إلى السجائر الإلكترونية.
  • وسائل الإعلام غير الدقيقة لعبت دورًا رئيسيًا في نشر معلومات خاطئة أو مبالغ فيها عن مخاطر الفيب، مما أثر على قرار المدخنين بشأن الإقلاع عن التدخين.
  • التضارب في المعلومات الصادرة عن الهيئات الصحية أدى إلى زيادة الحيرة بين المدخنين، حيث لم يتمكن الكثيرون من التمييز بين المعلومات المدعومة علميًا والإشاعات.
  • تصحيح المعلومات المضللة يمكن أن يزيد من احتمالية استخدام السجائر الإلكترونية كأداة للإقلاع، حيث أظهر المشاركون الذين حصلوا على معلومات دقيقة استعدادًا أكبر للتخلي عن التدخين التقليدي.

خلصت الدراسة إلى أن تصحيح المعلومات الخاطئة حول الفيب يمكن أن يسهم بشكل كبير في خفض معدلات الإقلاع عن التدخين، خاصة إذا تم تقديمه من قبل مصادر موثوقة مثل الهيئات الصحية والجهات البحثية.

فعالية السجائر الإلكترونية في الإقلاع عن التدخين

فعالية السجائر الإلكترونية في الإقلاع عن التدخين

في ضوء نتائج هذه الدراسة، تبرز أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه السجائر الإلكترونية في تقليل أضرار التدخين ومساعدة المدخنين على الإقلاع. وعلى الرغم من استمرار الجدل حولها، فإن الأدلة العلمية تشير إلى أن السجائر الإلكترونية أداة فعالة للحد من المخاطر الصحية المرتبطة بالسجائر التقليدية.

تحتوي السجائر التقليدية على آلاف المواد الكيميائية الضارة، بما في ذلك القطران وأول أكسيد الكربون، وهما المادتان الأساسيتان المرتبطتان بأمراض القلب والرئة. في المقابل، تعمل السجائر الإلكترونية عن طريق تبخير السوائل التي تحتوي على النيكوتين، مما يقلل بشكل كبير من كمية المواد السامة التى يستنشقها المستخدم.

أظهرت دراسات عديدة، بما في ذلك المراجعة التي قامت بها منظمة كوكرين في تحليل 90 دراسة، خلص الباحثون إلى أن هناك أدلة مؤكدة على أن السجائر الإلكترونية التي تحتوي على النيكوتين تزيد من معدلات الإقلاع عن التدخين مقارنة ببدائل النيكوتين.

وعند التحول من التدخين التقليدي إلى السجائر الإلكترونية، تنخفض مستويات المواد السامة في الجسم بشكل ملحوظ. وأكدت الأبحاث أن المدخنين السابقين الذين تحولوا إلى الفيب أبلغوا عن تحسن في وظائف الرئة، وانخفاض في السعال وضيق التنفس، مما يعزز الصحة العامة.

على الرغم من أن السجائر الإلكترونية ليست خالية تمامًا من المخاطر، إلا أنها تقلل بشكل كبير من التعرض للعناصر الضارة المرتبطة بأمراض السرطان وأمراض القلب. وهذا ما دفع العديد من الهيئات الصحية إلى دعمها كخيار أفضل مقارنة بالسجائر التقليدية.

أهمية هذا النوع من الدراسات

تؤكد هذه الدراسة الحديثة أن المعلومات الخاطئة حول السجائر الإلكترونية قد تكون عائقًا رئيسيًا أمام المدخنين الذين يسعون إلى الإقلاع عن التدخين. فبدلاً من أن يتم تشجيعهم على استخدام الفيب كبديل أقل ضررًا، يتم نشر المعلومات السلبية التي تمنعهم من اتخاذ هذه الخطوة، مما يؤدي إلى استمرارهم في التدخين التقليدي وما يترتب عليه من مخاطر صحية جسيمة.

بناءً على هذه النتائج، من الضروري أن تعمل الهيئات الصحية ووسائل الإعلام على تصحيح المعلومات المغلوطة وتقديم بيانات دقيقة حول السجائر الإلكترونية، بهدف مساعدة المدخنين على اتخاذ قرارات صحيحة. كما يجب تعزيز الوعي بالفرق بين التدخين التقليدي والسجائر الإلكترونية، وتقديم المعلومات القائمة على الأدلة العلمية بدلًا من الاعتماد على الأخبار المضللة أو التقارير غير الدقيقة.

إذا تم التعامل مع الموضوع بأسس علمية، فقد يكون لـ السجائر الإلكترونية دورٌ مهمٌ في الحد من أضرار التدخين وتحسين الصحة العامة، مما يجعلها خيارًا فعالًا للمدخنين الذين يبحثون عن طريقة أقل ضررًا للإقلاع عن التدخين.

المصادر :

Katherine East, Eve Taylor, Ann McNeill, Ioannis Bakolis, Amy E Taylor, Olivia M Maynard, Marcus R Munafò, Jasmine Khouja, Perceived Harm of Vaping Relative to Smoking and Associations With Subsequent Smoking and Vaping Behaviors Among Young Adults: Evidence From a UK Cohort Study, Nicotine & Tobacco Research, 2025;, ntaf018, https://doi.org/10.1093/ntr/ntaf018

لماذا تعتبر السجائر الإلكترونية أقل خطورة من التدخين؟

اشترك في النشرة الإخبارية

انضم إلى اكثر من 8000 مشترك في نشرة اخبار Vaping Post. لتبقى على اطلاع بجميع أخبار السجائر الالكترونية

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments