أصبحت اليوم مضار التدخين معروفة أكثر من أي وقت مضى، ويظهر قرار الإقلاع عن التدخين خيار مهم من شأنه أن يغير حياة عدد لا يحصى من الأشخاص حول العالم. تسعى هذه المقالة المفصلة إلى استكشاف المشهد المعقد لموضوع إدمان التدخين، والتحدي الأزلي الذي يدمج بين الجانب العضوي المتمثل بإدمان النيكوتين والنفسي المتمثل بالعادات والسلوكيات.
نبدأ بالغوص في الموضوع لنتجاوز السطح ، ونتعمق في الطبيعة المعقدة لإدمان التدخين. إن فهم هذا الإدمان أمر أساسي: فهو ليس مجرد شغف للنيكوتين، ولكنه أيضًا طقوس متأصلة في الحياة اليومية للمدخنين. هذه المعركة المزدوجة ضد الإدمان الجسدي والسلوك المعتاد تجعل الإقلاع عن التدخين أحد أصعب التحديات.
نتعمق أيضا في الطرق المختلفة المتاحة للإقلاع عن التدخين، مع إدراك أنه لا يوجد حل واحد يناسب الجميع. بدءًا من الأساليب التقليدية وصولا إلى الأساليب الحديثة. نقدم ايضا معدلات نجاح هذه الأساليب، والآثار الجانبية المحتملة، والتطبيق العملي في سيناريوهات الحياة المختلفة لتقديم صورة واقعية لـ رحلة الإقلاع عن التدخين.
هذا الدليل الشامل هو أكثر من مجرد مقالة إعلامية ، هو مرجع لأولئك الذين عقدوا العزم على التحرر من سجن التدخين.
اصل بداية التبغ
– أمريكا ما قبل كولومبوس: طقوس الأمريكيين الأصليين
تبدأ قصة التبغ قبل فترة طويلة من شهرته العالمية الحالية ، حيث كان التبغ من العادات المتجذرة في تقاليد الثقافات الأمريكية الأصلية. بالنسبة لهذه الشعوب الأصلية، لم يكن التبغ مجرد نبات، بل كان عنصرًا مقدسًا يدخل في عمق ممارساتهم الروحية والطبية والاجتماعية.
كان للتبغ مكانة كبيرة بين القبائل المختلفة ، مع وجود اختلافات في طريقة زراعته وإعداده واستهلاكه. وتراوحت الطرق بين التدخين في الغليون، المعروف باسم الكالوميت، إلى أشكال أخرى من الاستخدام مثل مضغه أو وضعه على شكل كمادات للعلاج.
– وصول الأوروبيين وبدايات تجارة التبغ العالمية
شهد مشهد استهلاك التبغ تحولاً جذريًا مع وصول الأوروبيين إلى الأمريكتين. كان كريستوفر كولومبوس من أوائل الأوروبيين الذين اكتشفوا التبغ خلال رحلاته. في البداية، كان الأوروبيون فضوليين بشأن هذا النبات الجديد، ولم يمض وقت طويل حتى بدأوا في اعتماد استخدامه، وإن كان ذلك بعادات وممارسات مختلفة.
كان إدخال التبغ إلى أوروبا نقطة تحول من كونه مجرد نبات مقدس إلى سلعة تجارية. وسرعان ما أصبح سلعة فاخرة، تحظى بشعبية كبيرة بين عامة الناس. وأصبح تدخين السيجار والغليون منتشرا بشكل كبير، وانتشرت جاذبية التبغ بسرعة في جميع أنحاء أوروبا وآسيا.
أدى هذا الطلب المتزايد إلى بدء تجارة زراعة التبغ ، في البداية في المستعمرات الإسبانية والبرتغالية، ثم في المستوطنات الإنجليزية. حتى أصبحت تجارة التبغ حجر الأساس في الاقتصاد العالمي.
– وصول التبغ إلى منطقة الشرق الأوسط
وصل التبغ إلى الشرق الأوسط في القرن السادس عشر تقريبًا، من خلال التجار الأوروبيين. وتم استخدامه وانتشاره عن طريق الإمبراطورية العثمانية وبلاد فارس خلال هذه الفترة. حتى أصبح التبغ متجذرا في النسيج الاجتماعي والثقافي لمنطقة الشرق الأوسط.
أحد أبرز جوانب استخدام التبغ في الشرق الأوسط هي النرجيلة، والمعروفة باسم الشيشة أو الارجيلة ، التي يُعتقد أنها جائت للمنطقة من الهند أو بلاد فارس. أصبحت النرجيلة وسيلة شائعة لتدخين التبغ فترة العثمانيين. حتى صارت عنصرًا أساسيًا في الجلسات الاجتماعية، بين مختلف طبقات المجتمع.
وصولا الى العصر الحديث، حيث استمر استهلاك التبغ في الشرق الأوسط في الارتفاع. وأصبحت السجائر والشيشة متاحة وشائعة على نطاق واسع في القرن العشرين.
عندما نتأمل في أصول التبغ ، ندرك كيف يتشابك هذا التاريخ مع الخيوط الثقافية والاقتصادية والاجتماعية التي ساهمت في دور التبغ المعقد في يومنا هذا. إن فهم هذا التاريخ أمر بالغ الأهمية عند مناقشة موضوع الإقلاع عن التدخين، حتى نفهم مدى تأصل التبغ في المجتمعات في جميع أنحاء العالم وحجم التحدي الذي يكمن في التغلب على إدمانه.
اختراع السجائر والاستهلاك الجماعي
– دور الثورة الصناعية في الإنتاج الضخم للسجائر
ترتبط قصة السيجارة كما نعرفها اليوم ارتباطًا وثيقًا بابتكارات الثورة الصناعية. قبل هذا العصر، كان تدخين التبغ يتم في المقام الأول من خلال الغليون أو السيجار أو السجائر الملفوفة يدويًا. ومع ذلك، شهد القرن التاسع عشر تحولًا كبيرًا مع ظهور الآلات القادرة على إنتاج السجائر بكميات كبيرة. لم يكن هذا التغيير تقنيًا فحسب ، بل في الطريقة التي يتم بها استهلاك التبغ.
تم تسجيل براءة اختراع أول آلة ناجحة لصنع السجائر في أواخر القرن التاسع عشر، مما أدى إلى زيادة كبيرة في سرعة وكفاءة إنتاج السجائر. جعلت هذه آلالة السجائر متاحة على نطاق واسع وبأسعار معقولة، مما ساهم في زيادة معدلات التدخين. لقد اجتذبت السجائر المريحة – الصغيرة والمحمولة وسهلة الاستخدام – شريحة كبيرة من الناس، مما يمثل التحول من التبغ كسلعة فاخرة إلى منتج استهلاكي يومي.
– دور الحرب العالمية الأولى والثانية: الجنود وحصص السجائر
لعبت الحربان العالميتان الأولى والثانية دورا محوريا في ترسيخ تدخين السجائر كظاهرة عالمية. خلال هذه الصراعات، تم تضمين السجائر في الحصص الغذائية المقدمة للجنود. ويرجع ذلك جزئيًا إلى الاعتقاد بأن التدخين ساعد في تخفيف التوتر ورفع الروح المعنوية في الحرب. استفادت شركات التبغ من هذه الفرصة، وكثيرًا ما أرسلت سجائر مجانية إلى القوات وأعلنت عنها باعتبارها قطعة مريحة من المنزل.
وكان تأثير هذه الممارسة عميقا في سلوكيات المجتمع. حيث دخل التدخين كعادة اجتماعية محببة عبر الثقافات والطبقات المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، صار التدخين يدخل في روايات الحرب الادبية وصورها ، باعتباره رمز للشجاعة.
ضرورة الإقلاع عن التدخين
– المخاطر الصحية
إن المخاطر الصحية للتدخين كثيرة ومثبتة علميا ، فهو أحد الأسباب الرئيسية للأمراض التي تسبب حالات الوفاة المبكرة في جميع أنحاء العالم. يحتوي دخان السجائر على مزيج سام يتكون من أكثر من 7000 مادة كيميائية، الكثير منها معروف بأنها مواد مسرطنة.
أبرز المخاطر الصحية هو سرطان الرئة، حيث أن التدخين مسؤول عن حوالي 85٪ من جميع حالات سرطان الرئة. ومع ذلك، فإن المخاطر تمتد إلى ما هو أبعد من صحة الرئة. يزيد التدخين بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية ومرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD) وأنواع أخرى من السرطان، بما في ذلك سرطان الفم والحلق والبنكرياس والمثانة.
الجانب المشرق هو وجود حل ، عن طريق الإقلاع عن التدخين يمكن تجنب العديد من هذه المخاطر. حيث يبدأ الجسم بالتعافي بشكل فوري تقريبًا بعد آخر سيجارة.
– ما وراء الصحة
تتجاوز الآثار الضارة للتدخين الصحة البدنية، وتؤثر على الوضع المالي للمدخن، والعلاقات الاجتماعية، والمضار البيئية ايضا. من الناحية المالية، تتزايد تكلفة التدخين بشكل كبير، حيث ينفق المدخن العادي آلاف الدولارات سنويا على السجائر. ومن الناحية الاجتماعية، يمكن للتدخين أن يخلق حواجز، حيث قد يتجنب غير المدخنين الأماكن المليئة بالدخان بسبب المخاطر الصحية للتدخين السلبي.
ومن الناحية البيئية، يساهم التدخين في التلوث وانتشار النفايات. تعد أعقاب السجائر واحدة من أكبر المشاكل على مستوى العالم، حيث تسبب أضرارًا بيئية كبيرة كونها مصنوعة من مواد كيميائية سامة غير قابلة للتحلل. ومن خلال الإقلاع عن التدخين، يمكن تخفيف هذه الأعباء المالية والاجتماعية والبيئية، مما يؤدي إلى نمط حياة صحي للمدخن ومحيطه.
– كيفية التعامل مع الإقلاع عن التدخين
إن الإقلاع عن التدخين هو هدف شخصي للغاية ولا يوجد حل واحد يناسب الجميع. وغالبًا ما يتطلب الأمر نهجًا متعدد الأوجه، مصمم وفقًا لاحتياجات الفرد وظروفه. الخطوة الأولى هي تحديد أهداف قابلة للتحقيق. قد يعني هذا تحديد موعد معين للإقلاع عن التدخين، أو تقليل عدد السجائر المدخنة تدريجيًا، أو التوقف عن التدخين بشكل مفاجئ.
طلب الدعم والمساعدة أمر بالغ الأهمية. يمكن أن يأتي ذلك من العائلة والأصدقاء، أو المؤسسات التي تقدم الدعم، أو المتخصصين في الرعاية الصحية. الأمر الذي يمكن أن يوفر استراتيجيات لكبح الرغبة الشديدة في التدخين و اعطاء الحافز.
يمكن أن يكون الانسحاب من النيكوتين أمرًا صعبًا، مع أعراض مثل العصبية والصداع والرغبة الشديدة. إن فهم هذه التحديات وتوقعها يمكن أن يسهل كثيرا من شدة الأمر. هناك أيضًا العديد من الوسائل المساعدة المتاحة، بما في ذلك العلاجات البديلة للنيكوتين والأدوية الموصوفة، والتي يمكن أن تساعد في تخفيف أعراض الانسحاب وتحسين فرص الإقلاع عن التدخين بنجاح.
متاهة طرق الإقلاع عن التدخين
إن الإقلاع عن التدخين هو قرار فردي ، وكما ذكرنا يختلف من شخص الى آخر. لهذا فهم طرق الإقلاع المختلفة المتاحة يساعد كثيرا في اتخاذ خيارات صحيحة تناسب احتياجات كل شخص.
– الإقلاع المفاجئ
التوقف المفاجئ عن التدخين دون مساعدة أو استخدام علاج الإقلاع عن التدخين. على الرغم من أنها طريقة شائعة، إلا أن معدلات النجاح متفاوتة بشكل كبير. تشير الإحصائيات إلى أن معدلات النجاح في هذه الطريقة منخفضة نسبيًا، حيث ينجح 3 – 10٪ فقط من الأشخاص في الإقلاع عن التدخين على المدى الطويل. يكمن التحدي في هذه الطريقة في أعراض الانسحاب الشديدة والرغبة الشديدة في التدخين والتي قد يكون من الصعب التحكم فيها دون دعم أو استخدام بدائل النيكوتين.
– العلاج ببدائل النيكوتين (NRT)
تم تصميم العلاج ببدائل النيكوتين لتقليل أعراض الانسحاب من خلال توفير جرعة مضبوطة من النيكوتين دون التعرض إلى المواد الكيميائية الضارة الموجودة في دخان السجائر. تشمل الأشكال الشائعة اللصقات والعلكة وأقراص الاستحلاب وأجهزة الاستنشاق وبخاخات الأنف.
يمكن للعلاج ببدائل النيكوتين مضاعفة فرص الإقلاع عن التدخين بنجاح مقارنة بالطريقة الاولى. يمكن زيادة فعالية العلاج ببدائل النيكوتين عندما يقترن بالدعم النفسي ايضا. من المهم اتباع إرشادات الاستخدام، حيث أن الاستخدام غير السليم لبدائل النيكوتين يمكن أن يؤثر على فعاليتها.
– وصفات الأدوية
هناك أدوية موصوفة طبيًا مثل بوبروبيون (زيبان) وفارينيكلين (شانتيكس) التي يمكن أن تساعد في الإقلاع عن التدخين. تعمل هذه الأدوية من خلال استهداف مستقبلات النيكوتين في الدماغ، مما يقلل الرغبة الشديدة في التدخين واعراض الانسحاب.
وقد أظهرت الدراسات أن هذه الأدوية يمكن أن تزيد بشكل كبير من فرص الإقلاع عن التدخين. من الضروري مناقشة هذه الخيارات مع مقدم الرعاية الصحية أو طبيبك الخاص ، حيث يمكنه تقديم إرشادات حول مدى ملاءمتها لجسمك وكيفية إدارة الآثار الجانبية المحتملة.
– العلاج السلوكي أو النفسي
يتضمن العلاج السلوكي العمل مع مستشار الرعاية الصحية لإيجاد طرق للإقلاع عن التدخين. ويمكن أن تشمل استراتيجيات للتعامل مع الرغبة الشديدة، وتقديم المشورة بشأن تغيير العادات والروتين اليومي الذي يؤدي إلى التدخين، والتحفيز. غالبًا ما يكون الجمع بين العلاج السلوكي والعلاج الدوائي (مثل العلاج ببدائل النيكوتين أو الأدوية الموصوفة) أكثر فعالية من اتباع نوع واحد. تتناول هذه الطريقة الجانب النفسي للإدمان، والذي يعد عنصرًا حاسمًا في خطة الإقلاع الناجحة.
– الطب البديل
تم اكتشاف طرق بديلة مثل التنويم المغناطيسي والوخز بالإبر كخيارات للإقلاع عن التدخين. ولا تزال فعالية هذه الأساليب موضع نقاش بين الباحثين. أبلغ بعض الأشخاص عن نجاحهم في التنويم المغناطيسي، والذي يهدف إلى تعزيز الرغبة في الإقلاع عن التدخين وتغيير سلوكيات التدخين.
ويقال إن الوخز بالإبر يقلل من الرغبة الشديدة عن طريق تحفيز نقاط معينة في الجسم. ومع ذلك، فإن الأدلة العلمية التي تدعم هذه الطرق محدودة، وغالبًا ما تكون أكثر فعالية عند دمجها مع طرق أخرى مثبتة للإقلاع عن التدخين.
– منتجات التبغ المُسخن (HTPs)
تعد منتجات التبغ المسخن (HTPs)، والمعروفة أيضًا باسم منتجات “التسخين وليس الحرق”، مدخلاً جديدًا نسبيًا في مجال الإقلاع عن التدخين. تقوم هذه الأجهزة بتسخين التبغ إلى درجة حرارة عالية لإطلاق دخان يحتوي على النيكوتين بدرجة حرارة منخفضة بما يكفي لمنع الاحتراق.
يتم تسويق منتجات HTP كبدائل أقل ضررًا للسجائر التقليدية لأنها تنتج مواد كيميائية ضارة أقل من حرق التبغ. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أنها ليست خالية من المخاطر. تحذر منظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية الأخرى أنها تعرض المستخدمين لمواد قد تكون ضارة. لا تزال فعالية العلاجات التقليدية كأداة للإقلاع عن التدخين موضوعًا للبحث المستمر، ولا تزال آثارها الصحية على المدى الطويل غير مؤكدة.
– السجائر الإلكترونية
اكتسبت السجائر الإلكترونية، أو أجهزة التبخير الإلكتروني او الفيب، شعبية كبيرة كأداة للمساعدة في الإقلاع عن التدخين. تحاكي هذه الأجهزة التي تعمل بالبطارية تجربة التدخين عن طريق توصيل بخار (غالبًا ما يكون بنكهة)، قد يحتوي على النيكوتين. تعتبر السجائر الإلكترونية أقل ضررا من السجائر التقليدية بنسبة 95% لأنها لا تنتج القطران ومعظم الغازات السامة الموجودة في دخان السجائر.
تشير الكثير من الدراسات إلى أن السجائر الإلكترونية أداة فعالة لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين، خاصة بالنسبة لأولئك الذين لم ينجحوا مع الطرق الأخرى. ومع ذلك، لا يزال مجتمع الصحة العامة منقسمًا حول دورها في الإقلاع عن التدخين، مع مخاوف غير صحيحة مثل اعتبار السجائر الالكترونية بوابة للتدخين بالنسبة لغير المدخنين أو الشباب.
جميع الأدلة الحالية تشير إلى أنها أقل ضررا من التدخين، ولكنها ليست خالية تمام من المخاطر. لذلك لا ينصح باستخدامها لغير المدخنين. ويجب اعتبارها اداة للإقلاع عن التدخين، ومن الأفضل أن يكون استخدامها مصحوبا بالحصول على المعلومات الكافية عنها للحصول على أفضل النتائج.
الجدول الزمني لتعافي الجسم بعد الإقلاع عن التدخين
إن قدرة جسم الإنسان على الشفاء والتعافي من آثار التدخين أمر رائع ونعمة. عند التوقف عن التدخين، يبدأ الجسم بسلسلة من التغييرات الإيجابية التي تستمر لسنوات. إن فهم هذا الجدول الزمني للتعافي يمكن أن يكون محفزًا كبيرا لأولئك الذين هم في مرحلة اتخاذ قرار الإقلاع عن التدخين.
– أول 6 ساعات
في غضون الساعات القليلة الأولى بعد آخر سيجارة، يبدأ جسمك عملية الشفاء مباشرة. أحد التغييرات المباشرة هو انتظام معدل ضربات القلب وضغط الدم. عندما يبدأ تأثير النيكوتين في التلاشي، يبدأ معدل ضربات القلب في التباطؤ ليصل إلى المستوى الطبيعي ، ويبدأ ضغط الدم في الانخفاض، وبالتالي تقليل الضغط على القلب والشرايين. يعد هذا الانخفاض في ضغط الدم ومعدل ضربات القلب خطوة أولى حاسمة في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب المرتبطة بالتدخين.
– بعد 12 ساعة
وفي غضون 12 ساعة بعد الإقلاع عن التدخين، تنخفض مستويات أول أكسيد الكربون في الدم. يرتبط أول أكسيد الكربون، وهو غاز ضار موجود في دخان السجائر، يمتزج مع الهيموجلوبين الموجود في خلايا الدم الحمراء، مما يقلل من قدرتها على حمل الأكسجين. عندما يتم التخلص من أول أكسيد الكربون من الجسم، تتحسن قدرة الدم على حمل الأكسجين، مما يسمح لمزيد من الأكسجين بالوصول إلى الأعضاء الحيوية. هذا الانخفاض في مستويات أول أكسيد الكربون يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض القلب.
– بعد 24 ساعة
بعد يوم واحد فقط من التوقف عن التدخين، يبدأ خطر الإصابة بنوبة قلبية في الانخفاض. تستمر مستويات الأكسجين في الجسم في التحسن، وتبدأ فرص حدوث مضاعفات مرتبطة بالقلب في الانخفاض. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما تكون علامة الـ 24 ساعة هذه عندما يبدأ الجسم بعملية إزالة السموم، حيث تبدأ الرئتان في التخلص من ترسبات وبقايا التدخين في الرئة.
– بعد 48 ساعة
بعد مرور 48 ساعة، ستلاحظ تحسن في حاسة التذوق والشم لديك، حيث تبدأ النهايات العصبية التي تضررت بسبب التدخين في التجدد. ومع ذلك، فمن الشائع أيضًا أن تبدأ في هذه الفترة ملاحظة أعراض الانسحاب. مثل الرغبة الشديدة بالتدخين والعصبية والقلق والتوتر، وهي علامات تدل على أن الجسم بدأ يتكيف مع الحياة بدون تدخين.
– بعد 72 ساعة
بعد ثلاثة أيام من الإقلاع عن التدخين، يصبح التنفس أسهل بكثير. يحدث هذا التحسن عندما تبدأ القصبات الهوائية داخل الرئتين بالاسترخاء والانفتاح أكثر. يسمح هذا الاسترخاء في القصبات الهوائية بزيادة تدفق الهواء داخل وخارج الرئتين، مما يجعل التنفس أقل صعوبة. وتبدأ مستويات الطاقة في الجسم في الزيادة، مما يمثل علامة بارزة في عملية التعافي.
– بعد شهر
بعد شهر واحد من الإقلاع عن التدخين، يمكن ملاحظة العديد من التحسينات. حيث تبدأ وظائف الرئة بالتحسن بشكل ملحوظ خلال هذه الفترة. ويعني هذا التحسن أن الأنشطة التي تحتوي على الجهد العضلي، مثل الجري أو ركوب الدراجة، تصبح أسهل بكثير. يلاحظ العديد من الأشخاص انخفاضًا كبيرا في أعراض السعال وضيق التنفس حيث تبدأ الرئتين في مرحلة إعادة البناء. بالإضافة إلى ذلك، تبدأ الأهداب (هياكل صغيرة تشبه الشعر في الرئتين) في التعافي وتعمل بكفاءة أكبر، مما يساعد على إزالة المخاط وتقليل خطر العدوى.
– بعد 6 أشهر
وبحلول مرور ستة أشهر، ستشعر بتحسن ملحوظ في اداء الجهاز التنفسي. وهو اشارة إلى شفاء وتجديد أنسجة الرئتين. حيث ستختفي الكثير من الأمراض مثل السعال واحتقان الأنف والتعب وضيق التنفس. هناك أيضًا تحسن عام في الصحة البدنية ، وتحسن جهاز المناعة، مما يسهل مقاومة نزلات البرد والأنفلونزا.
– بعد سنة
يعد الوصول إلى فترة العام الواحد إنجازًا كبيرًا. في هذه المرحلة، يكون خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية حوالي نصف خطر المدخنين. تبدأ الشرايين والأوعية الدموية في الاتساع مرة أخرى، مما يقلل من خطر الانسداد الذي يمكن أن يؤدي إلى النوبات القلبية والسكتات الدماغية. بالإضافة إلى ذلك، يستمر خطر الإصابة بأمراض القلب في الانخفاض بعد مرور عام واحد، ويقترب من خطر الإصابة بغير المدخنين مع مرور كل عام.
بالإضافة إلى تحسن نمط الحياة بشكل عام ، مثل زيادة الثقة واحترام الذات والتحرر من الإدمان. دون نسيان تحسن الوضع المالي حيث ستتمكن من توفير الكثير من المال واستخدامه في امور مفيدة.
من المهم أن ننتبه الى أن هذه الفترات الزمنية يمكن أن تختلف من شخص لآخر. في حين أن الفوائد الجسدية للاقلاع عن التدخين تبدأ على الفور تقريبًا، فإن المعركة النفسية يمكن أن تكون أكثر صعوبة وقد تتطلب استراتيجية طويلة المدى تتضمن الدعم وتغيير السلوك وفي بعض الأحيان وسائل المساعدة على الإقلاع عن التدخين. ومع ذلك، فإن كل ساعة ويوم و أسبوع بدون تدخين هي خطوة نحو حياة أكثر صحة، مما يقلل من مخاطر العديد من الأمراض المرتبطة بالتدخين وتحسين نوعية الحياة بشكل عام.
السجائر الإلكترونية مقابل وسائل الإقلاع عن التدخين الأخرى
لقد برزت السجائر الالكترونية بشكل كبير عبر الدور المهم الذي تقدمه في الإقلاع عن التدخين، وهذا ماجعلها تثير الكثير من الجدل والنقاش بين العاملين في مجال الصحة والمدخنين على حد سواء.– فعالية السجائر الالكترونية
إن فعالية السجائر الالكترونية كأداة مساعدة للإقلاع عن التدخين هي موضوع بحث ونقاش كبير. لكن الكثير من الدراسات تشير إلى أن السجائر الإلكترونية بإمكانها أن تساعد الكثير في الإقلاع عن التدخين. على سبيل المثال، أثبتت دراسة كبيرة أجراها مركز السرطان الأمريكي أن السجائر الإلكترونية تساعد فعلا في الإقلاع عن التدخين. والدراسة التي أجرتها منظمة كوكرين الفرنسية والتي تؤكد على أن السجائر الالكترونية أكثر فعالية من بدائل النيكوتين الأخرى.
– المقارنة
عند مقارنة السجائر الإلكترونية بطرق للإقلاع عن التدخين الأخرى مثل العلاج ببدائل النيكوتين (NRTs) أو الأدوية الموصوفة، تصبح الصورة أكثر وضوحا. في الوقت الذي تمتلك فيه طرق العلاج ببدائل النيكوتين، مثل الرقع والعلكة وأقراص الاستحلاب، بثقة المجتمع الطبي.
تستمر الأبحاث حول السجائر الالكترونية بأثبات فاعليتها في الإقلاع عن التدخين وأنها لا تحتوي على آثار جانبية خطيرة. في الوقت نفسه يتم اللقاء اللوم على السجائر الالكترونية وخاصة تلك التي تستخدم لمرة واحدة بأنها تسبب التلوث البيئي. الأمر الذي تدحضه عدد من الدراسات التي تشير إلى أن نفايات السجائر الالكترونية في الحقيقة لا تشكل تهديدا حقيقيا للبيئة.
في الختام، سنناقش ادعاءات مثل أن السجائر الالكترونية هي بوابة للدخول إلى عالم التدخين وهو ما تستمر الدراسات بنفيه. او مشكلة المراهقين وكيف تقوم السجائر الالكترونية يجذبهم إلى التدخين بكل أنواعه الالكتروني والتقليدي. وهو أيضا ما نفته عدد كبير من الدراسات.
قرار الإقلاع عن التدخين … قرارك انت ، مهما كانت الطريقة التي تختارها. استعد صحتك – أموالك – حياتك.
من المسؤول عن الأمراض المرتبطة بالتدخين؟ النيكوتين أم الاحتراق