شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في استخدام السجائر الإلكترونية بين الشباب السعودي كبديل للتدخين التقليدي، مما أثار الأمر اهتمام العديد من الباحثين في مجال الصحة العامة.
دراسة (بصيغة PDF) حديثة أجراها باحثون من جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في الرياض، المملكة العربية السعودية، تهدف إلى تقييم المعرفة والتصورات حول السجائر الإلكترونية بين السكان السعوديين. إلا أن الدراسة ونتائجها توحي بوجود تناقض واضح يستحق التحليل والنقاش.
المنهجية والنتائج
أجرى الباحثون دراسة تحليلية مقطعية بين سبتمبر 2023 ومايو 2024، شملت 353 مشاركاً تم اختيارهم باستخدام تقنية العينة المريحة. تم جمع البيانات باستخدام استبيان ذاتي مستمد من استبيان مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) وترجم إلى العربية. تناول الاستبيان معلومات اجتماعية وديموغرافية، حول السجائر الإلكترونية، وما هي تصورات المشاركين عنها، وأنماط استخدامها.
أظهرت النتائج أن 31.20% من المشاركين يستخدمون السجائر الإلكترونية، وأن غالبية المشاركين (79.09%) لديهم معرفة جيدة حول مكونات السجائر الإلكترونية، ومخاطرها الصحية، وفوائدها في الإقلاع عن التدخين. كما أن معظم المستخدمين للسجائر الإلكترونية يرونها أقل ضرراً وأقل إدماناً من السجائر التقليدية، ويعتبرونها وسيلة مساعدة في الإقلاع عن التدخين.
ويرى الباحثون وجود حاجة لتطوير برامج تعليمية تستهدف الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عامًا لمعالجة المفاهيم الخاطئة وتسليط الضوء على الآثار الضارة للتدخين الإلكتروني بهدف تغيير التصورات وتقليل انتشاره في هذه الفئة العمرية.
معرفة جيدة حول السجائر الالكترونية ولكن وجود حاجة لتطوير برامج تعليمية لمعالجة المفاهيم الخاطئة. أين المعلومات والمفاهيم الخاطئة إذا؟؟
التناقض بين النتائج والتوصيات
على الرغم من ان النتائج تشير إلى أن المشاركين لديهم فهم جيد كما يصفه الباحثون حول السجائر الإلكترونية، لكنهم يوصون بتطوير برامج تعليمية تستهدف الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عامًا لمعالجة المفاهيم الخاطئة وتسليط الضوء على الآثار الضارة للتدخين الإلكتروني. هذا التوجه يثير تساؤلات حول الهدف الحقيقي من هذه التوصيات.
إذا كانت الغالبية العظمى من المشاركين تمتلك معرفة جيدة حول السجائر الإلكترونية وترى فيها بديلاً أقل خطراً من السجائر التقليدية و أنهم يرونها أداة للإقلاع عن التدخين. لماذا إذا يصر الباحثون على الحاجة إلى برامج تعليمية جديدة؟ يمكن أن يوحي هذا التناقض بأن الباحثين غير راضين عن النتائج التي توصلوا إليها ويرغبون في تغيير التصورات العامة عن السجائر الإلكترونية لتتماشى مع نظرياتهم أو توجهاتهم الشخصية.
هذه التوصيات قد تثير تساؤلات حول ما إذا كان الهدف الحقيقي هو وضع السجائر الإلكترونية في نفس درجة خطورة التدخين التقليدي، وبالتالي تقليل الفروق بين الاثنين في أذهان العامة. قد يكون ايضا الهدف من هذا التوجه هو دفع الناس إلى الاعتقاد بأن السجائر الإلكترونية ليست أقل ضرراً من التدخين التقليدي، مما يمكن أن يؤثر على قرارات الأفراد في الإقلاع عن التدخين بطرق قد تكون غير مبررة علمياً.
الدراسة التي أجراها الباحثون من جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن تحتوي على تناقضات كبيرة. في حين تظهر النتائج أن المشاركين يستخدمون السجائر الإلكترونية للاقلاع عن التدخين وأنها بديل أقل خطورة، إلا أن توصيات الباحثين تدعو إلى تعزيز البرامج التعليمية لتسليط الضوء على الآثار الضارة للسجائر الإلكترونية.
هذا التناقض يبين الحاجة إلى نقاش مفتوح وشفاف حول كيفية تناول الأبحاث الصحية والتوصيات المتعلقة بالصحة العامة، لضمان أن تكون مبنية على أدلة علمية قوية وليست مدفوعة بتوجهات أو نظريات مسبقة.
دراسة كوكرين: إثبات جديد على أن السجائر الإلكترونية تساعد في الإقلاع عن التدخين