في عالم تُحصد فيه ملايين الأرواح سنويًا بسبب التدخين، تُعد الحلول التقليدية لمكافحة التبغ، كالحظر والضرائب والبرامج التوعوية، ضرورية لكنها غير كافية. إذ أثبتت السنوات الماضية أن السياسات المبنية فقط على الردع قد تواجه تحديات كبيرة في التأثير الفعلي على سلوكيات المدخنين، ما يفتح الباب أمام تبني نهج جديد وواقعي: الحد من أضرار التبغ. والمثال الأبرز عربيًا على نجاح هذا النهج هو ما تقوم به المملكة العربية السعودية من خلال شركة “بدائل“.
من رؤية إلى واقع
تأسست شركة “بدائل” عام 2023 بمبادرة من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، لتكون ذراعًا فعالة في جهود مكافحة التدخين عبر تقديم بدائل خالية من التبغ تساعد المدخنين على الإقلاع دون الحاجة إلى الحظر أو التجريم. المنتج الرئيسي للشركة، المعروف باسم DZRT، هو كيس نيكوتين خالٍ من التبغ، يتم استخدامه عن طريق الفم ويقدم للمدخنين جرعة نيكوتين دون احتراق أو دخان.
في خطوة نحو #مليون_مقلع_عن_التدخين بالمملكة 🇸🇦
الرئيس التنفيذي للشركة يؤكد لصحيفة Saudi Gazette:
“تمكنت #شركة_بدائل من مساعدة نحو 400 ألف مدخن على ترك السجائر، منهم 140 ألف شخص ممن انتقلوا إلى استخدام #دزرت نجحوا في التخلص نهائيًا من النيكوتين.”لقراءة المزيد:…
— Badael Company | شركة بدائل (@badaelco) April 17, 2025
في أقل من عامين، تمكنت “بدائل” من مساعدة ما يقارب 400 ألف مدخن على الإقلاع عن السجائر، وفقًا لتصريحات رئيسها التنفيذي تولغا سيزر، بينما تمكن 140 ألف مستخدم من التوقف نهائيًا عن النيكوتين. هذا الإنجاز، غير المسبوق عربيًا، يؤكد أن الحلول المبتكرة يمكن أن تُحدث أثرًا ملموسًا حين يتم تنفيذها وفق رؤية واقعية ومبنية على مبادئ الصحة العامة، وليس على الربح التجاري فحسب.
تحقيق أهداف 2032 … قبل أوانها

كانت شركة “بدائل” قد وضعت هدفًا طموحًا يتمثل في مساعدة مليون مدخن على الإقلاع عن التدخين بحلول عام 2032، إلا أن النتائج المبكرة دفعت الشركة إلى تغيير ذلك، و توقعاتها الجديدة تشير إلى بلوغ هذا الرقم بحلول عام 2026. هذه السرعة في التأثير ليست محض صدفة، بل نتيجة مباشرة لاستراتيجية شاملة تمزج بين التوطين، والابتكار، والوصول بسهولة للمنتجات، والاستجابة لاحتياجات المستخدم المحلي.
وتتجلى جدية “بدائل” في خططها لتوسيع الإنتاج من 1.5 مليون إلى أكثر من 100 مليون علبة هذا العام فقط، إلى جانب استهداف 6000 منفذ بيع في 13 مدينة سعودية، بدلاً من الاعتماد الحصري على القنوات الرقمية.
منتج سهل الوصول يلبي احتياجات المدخنين. كما أنه لا يُصنّف كدواء، مما يسمح بتداوله على نطاق واسع وبتكلفة معقولة. والجدير بالذكر أن تصميمه يراعي الذوق السعودي من حيث النكهات، مما يعزز تقبله لدى المستخدمين، ويزيد فرص استمرارية استخدامه كبديل آمن.
الحد من الأضرار بدلًا من الحرب على النيكوتين
رؤية “بدائل” تتلخص في مبدأ واضح: تقليل الأضرار لا يعني التشجيع على النيكوتين، بل توفير خيارات أقل خطرًا للمدخنين الذين لا يستطيعون التوقف الفوري. ولعل النقطة الأكثر أهمية هي أن الشركة لا تستهدف غير المدخنين مطلقًا، وكل أنشطتها التسويقية تدور في فلك “الإقلاع عن التدخين” وليس “استبداله”.
التجربة العالمية للسجائر الإلكترونية تؤكد نفس المبدأ، أبرزها تجربة المملكة المتحدة، التي دمجت السجائر الإلكترونية في استراتيجياتها للإقلاع عن التدخين. أظهرت الأبحاث أن أكثر من 60% ممن استخدموا الفيب في بريطانيا نجحوا في الإقلاع عن التدخين، وهو ما لم تحققه السياسات التقليدية وحدها.
السجائر الإلكترونية، كغيرها من بدائل النيكوتين، تقدم طريقة عملية لتقليل الاعتماد على التبغ دون إحداث ضرر مماثل للسجائر التقليدية. وعلى الرغم من الجدل الدائر حولها في بعض الدول، فإن التجربة البريطانية – وكذلك تجربة السويد والنرويج مع منتج الـ Snus – تظهر أن دمجها ضمن سياسات الحد من الضرر أكثر فاعلية من حظرها.
إلى جانب الأثر الصحي، نجحت “بدائل” في دعم الاقتصاد المحلي عبر توطين المكونات وسلاسل التوريد، مما يخلق فرص عمل ويُسهم في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030. كما أن توسعها المستقبلي نحو دول الخليج والشرق الأوسط وأوروبا يجعلها مرشحة لتكون قوة مؤثرة في مجال الصحة العامة إقليميًا وعالميًا.
النتيجة : تغيير حياة الملايين
في نهاية المطاف، تُقاس هذه الإنجازات بعدد الأرواح التي تم ابعادها عن التبغ وبالتالي انقاذها، وليس بعدد المبيعات. في زمن تتعالى فيه الأصوات المنادية بالحظر، تأتي مبادرة شركة “بدائل” لتقول بلغة الأرقام: “يمكن إنقاذ الأرواح دون تجريم، يمكن تقليل المخاطر دون إثارة الذعر، ويمكن تحويل النيكوتين من عدو إلى فرصة علاجية، إن حُسن استخدامه”.
لقد أثبتت المملكة العربية السعودية أن تبني سياسات الحد من أضرار التبغ ليس خيارًا نظريًا، بل استراتيجية عملية قادرة على إحداث تغيير جذري، ليس فقط في صحة الأفراد، بل في بنية الاقتصاد والمجتمع ككل.
تصحيح المفاهيم الخاطئة حول النيكوتين من شأنه أن يعود بفائدة كبيرة على الصحة العامة