أعلنت وزارة التجارة السعودية بالتعاون مع عدد من الجهات الرسمية عن ضبط مصنع مخالف في شمال الرياض، كان يُدار داخل فيلا سكنية ويقوم بإنتاج وتعبئة ملايين المنتجات المغشوشة، بينها سجائر إلكترونية، سوائل إلكترونية ونكهات، وأكياس نيكوتين، إلى جانب منتجات تقليدية مثل السجائر، التنباك ومعسّل الشيشة.
مصنع سري داخل فيلا سكنية
تفاصيل الحملة التي نُشرت عبر بيان رسمي أوضحت أن الفرق الرقابية تمكنت من مداهمة الموقع بعد عمليات تتبع ورصد دقيقة، ليتم العثور على أكثر من 4 ملايين منتج تبغ مغشوش جاهز للتوزيع. المصنع كان مجهزًا بـ 13 آلة متخصصة للتصنيع والتعبئة والتغليف، إضافة إلى كميات ضخمة من المواد الخام مجهولة المصدر، ما يثير القلق بشأن جودة هذه المنتجات وتأثيرها على صحة المستهلكين.
المخالفون الذين يديرون هذا النشاط غير النظامي ينتمون إلى جنسيات آسيوية، وتمت إحالتهم إلى الجهات المختصة لاستكمال الإجراءات النظامية التي قد تشمل السجن لثلاث سنوات، غرامات مالية تصل إلى مليون ريال، التشهير، والترحيل.
السجائر الإلكترونية وأكياس النيكوتين في قلب القضية
رغم تنوع المنتجات المضبوطة، إلا أن ما يلفت الانتباه بشكل خاص هو وجود كميات كبيرة من أجهزة الفيب، السوائل الإلكترونية والنكهات، إضافة إلى أكياس النيكوتين. هذه الفئة من المنتجات تعتبر حديثة نسبيًا في الأسواق الخليجية، وتشهد إقبالًا متزايدًا بين المدخنين الذين يبحثون عن بدائل أقل ضررًا من السجائر التقليدية.
لكن، وبسبب غياب التنظيم الدقيق في بعض الأسواق، تنتشر نسخ مغشوشة أو مقلدة من هذه المنتجات، غالبًا ما تكون مصنوعة بمواد مجهولة المصدر، مما يزيد المخاطر الصحية المرتبطة باستخدامها. فبينما تعتمد الشركات العالمية على معايير تصنيع صارمة، نجد أن المنتجات غير النظامية قد تحتوي على نسب نيكوتين غير مضبوطة، نكهات كيميائية غير آمنة، أو حتى ملوثات قد تشكّل تهديدًا مباشرًا للمستخدم.
لم يقتصر نشاط المصنع على الفيب وأكياس النيكوتين حيث كانت هناك منتجات أخرى ضمن المضبوطات منها:
- سجائر تقليدية مقلدة تحمل علامات تجارية معروفة.
- منتجات تبغ مطحون (تنباك/سويكا) جاهزة للبيع.
- معسّل الشيشة بنكهات متعددة.
هذا التنوع في الإنتاج يكشف عن محاولة المصنع تغطية كامل سوق التبغ والنيكوتين، مستهدفًا المدخنين بمختلف فئاتهم، سواء كانوا من مستخدمي المنتجات التقليدية أو الباحثين عن البدائل الحديثة.
جهود حكومية لمكافحة الغش التجاري
تأتي هذه الحملة ضمن استراتيجية أوسع تنفذها المملكة لمواجهة الغش التجاري والتستر وحماية حقوق الملكية الفكرية. وقد شاركت في العملية عدة جهات رسمية إلى جانب وزارة التجارة، بينها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية، والهيئة السعودية للملكية الفكرية.
هذه الجهود تعكس إدراك السلطات للمخاطر التي تشكّلها المنتجات المغشوشة على الصحة العامة، وكذلك على الاقتصاد الوطني، خصوصًا أن انتشار منتجات نيكوتين مغشوشة مثل السجائر الإلكترونية، السوائل الإلكترونية والنكهات، وأكياس النيكوتين قد يُضعف ثقة المستهلك في البدائل النظامية المعتمدة دوليًا لتقليل الضرر.
في الوقت نفسه تسلّط هذه القضية الضوء على مفارقة واضحة: في الوقت الذي يزداد فيه الطلب عالميًا وإقليميًا على بدائل التدخين مثل الفيب وأكياس النيكوتين، تبرز الحاجة الماسة إلى تنظيم دقيق ورقابة صارمة تضمن توفر منتجات آمنة ومعتمدة بعيدًا عن السوق السوداء.
الدراسات العلمية الحديثة، أظهرت أن أكياس النيكوتين قد تساعد بعض المدخنين على الإقلاع، وأن السجائر الإلكترونية أقل ضررًا من التدخين التقليدي إذا كانت مصنعة وفق معايير الجودة. لكن في المقابل، المنتجات المغشوشة وغير المصرح بها تقوّض هذه الإمكانات، وتحوّل البدائل إلى مصدر خطر إضافي بدل أن تكون وسيلة لتقليل الأضرار.
خلاصة القول
يكشف ضبط هذا المصنع المخالف في الرياض عن حجم التحديات التي تواجهها السلطات في مكافحة الغش في سوق التبغ والنيكوتين. فالمسألة لا تتعلق فقط بحماية الاقتصاد أو العلامات التجارية، بل تمس مباشرة سلامة المستهلكين. انتشار سجائر إلكترونية مغشوشة أو سوائل ونكهات غير نظامية وأكياس نيكوتين مقلدة يعني أن آلاف المستخدمين قد يتعرضون لمخاطر صحية غير محسوبة.
لذلك، يبقى الحل في تعزيز الرقابة، وتوفير بدائل آمنة ومعتمدة، إلى جانب رفع وعي المستهلك حول مخاطر شراء المنتجات من قنوات غير رسمية. فالسوق السوداء قد تكون مغرية بسعرها المنخفض، لكنها في النهاية تحمل ثمنًا صحيًا باهظًا.